وأنا ابحث عما كتب عن اعمال سعاد حسني على الانترنت وما تكتبه اقلام الكتاب عنها وعن تاريخها الذهبي في السينما المصرية المفعم بسحر يصعب مقاومته... وجدت مقالا يحمل صورة لإرث ثمين وجميل... انه صورة عن رسالة ارسلتها السندريلا الى الراحل الكبير عبدالحليم حافظ بعد عودته من رحلة علاجية من لندن...
جاء في الرسالة التي كتبتها السندريلا بخط يدها “مبروك على دخولك الاستوديو وألف حمد الله على سلامتك يا حليم، إن شاء الله تكون آخر مرة تتعب فيها، وربنا يديلك طولة العمر والصحة”.(انتهى النص) انها لحظات تخطف انفاس المرء عندما يطالع فيها هذه الوثائق التي تأسر في اسطرها العتيقة لمحة من تاريخ معاصر اصبح بقيمته كالتاريح القومي لجمهورية مصر العربية.
ما نشعر به من هذا العالم الفني الماضي هو سحر يأبى الاندثار مهما مضى عليه من زمن وسنين بفضل عطاء ذهبي لشخصيات فنية اعطت بتفاني لا حدود له، وعانقت المهنة بحب وولع لا مثيل لهما واصرار على الانجاز والنجاح ليصبح لدينا بمنطقة الشرق الاوسط مكتبة غنية جدا من الدراما العربية نفتخر بما قدمته اسطورة مثل سعاد حسني، فحياتها لم تكن كلها سعادة وهناء فتخللتها لحظات الفرح واليأس معا...لحظات حصدت بواسطتة ما قدمته حب كبير من الجمهور بالوطن العربي ولحظات شعرت بهم بحزن كبير..و لكن مهما كان في حياتها من ألم وشقاء...فقد شكلت تاريخ السينما المصرية والعربية من خلال مزيج غني جدا جدا من الشخصيات التي قدمتها في افلامها...و اثبتت عن جدارة بأنها صاحبت موهبة مميزة جدا وبأن المرأة المصرية تستطيع صنع قصةنجاح في التمثيل والارتقاء بثقافة بلادها الى الاحسن...فمما لا شك به بأن لولا ما قدمته في خلال مسيرة حياتها الحافلة بالانجازات بيننا لما كانت السينما المصرية بوضعها الحالي اطلاقا.
هنالك مشاهير ذاع صيتهم في السينما باعمال كثيرة...ولكن السؤال هو بأنهم اشتهروا بماذا؟ فليس من الشطارة ان ابلغ الشهرة فقط...ولكن المهم هو كيف ابلغها وبماذا استخدم لبلوغها. وهنا يكمن الفرق بين الراحلة سعاد حسني وبين كثيرات اشتهرن بالسينما المصرية في الاوقات الحالية وفي السالف...فهذه الاسطورة استخدمت جمالها واطلالتها وموهبتها بصورة ذكية لتبلغ نشوة نجاح كبرى بمسيرتها المهنية...فارشيفها يضم حوالي 82 فلم سينمائيا ومن اعمالها ما حصد جوائز متكررة نظرا للتميز الذي كانت تتمتع به بقدرتها المهنية والفنية،
تتشجع فنانات عدة للدخول الى السينما بفصل ما قدمه اساطير المهن التمثيلية في القاهرة، فمشوار الراحلة سعاد ملهم لاي فنانة تريد الدخول الى عالم الفن والسينما، فقد ترى اية فنانة ترغب الدخول الى هذه المهنة الأمل والرجاء لتحقق وتنجز مثل الجيل الذي سبقها، فهذا مهم جدا لرواد الغد في المهنة فقصة النجاح قد تجلب لنا المزيد من النساء الموهوبة لهذه المهنة المهمة، فالتميز يأتي ايضا من الاقبال الكبير على مهنة معينة لكي لا تنتهي من المسيرة الثقافية لأمتنا...و هنا سأقول ما اشعر به حيال مشوار سعاد حسني الفني الكبير..بأنني اقدس معبدها الفني الذي امتعنا بالكثير...بل اقدس الارض المصرية التي سارت عليها بقدميها اثناء حياتها بيننا، فكانت لديها الشجاعة لتعمل بمهنة يرى بها الكثيرون بأنها تكسر تقاليدنا الشرقية ويحاربها قوم من الجهلة بعقليتهم الغير مثقفة، ولكنها مضت في درب اوصلها الى شهرة ونجومية والى قلب الناس والى قلب الملايين حول الوطن العربي، فبين ادوارها التي رسمت الضحكة على شفاهنا الى افلامها الدرامية التي حصدت جوائز راقية ومميزة برقد كنز لا يفنا من العطاء والنجاح المبهر. بالنهاية مهما قلت من كلمات صادقة تنبثق من قلبي الذي يكرم سيرة هذه الفاضلة التي رحلت عنا فلن اوفيها حقها اطلاقا فالاقلام التي تكتب عنها تشعر بهيبة موهبتها وعطائها اللامع وتتوقف اذا عجزت عن كتابت ما يليق بها وبمكانتها الرفيعة في مصر وفي قلوب جمهورها وفي الوطن العربي...و لعل قلمي قرر كتابت هذه الكلمات لقناعتي التامة بأن ارشيفها يشرفنا كنقاد للسينما ومن كثرة الغلو عليها وعلى الافلام التي قدمتها.