نزاهة الانتخابات تحدد هوية المرحلة القادمة
د. فراس العبادي
18-09-2016 07:52 PM
يمكن القول أن نزاهة الانتخابات التي ستجرى يوم الثلاثاء القادم، ستحدد شكل المرحلة السياسية القادمة، كما تحدد هوية الدولة الاردنية الحديثة وجدية الاصلاحات السياسية التي تطرحها الحكومة وبالتالي حجم النجاحات المقبلة أو الاخفاقات لا قدر الله.
حتى اللحظة يسجل للهيئة المستقلة للانتخاب، كسلطة مستقلة، أنها استطاعت العبور الى شواطىء امنة بالعملية الانتخابية، كما يسجل لها حرفيتها وعملها بكل اتقان في ادارة ملف الانتخابات البرلمانية، وهو ما عزز من جدية النزاهة، والشفافية، التي نعول عليها كثيراً.
ومن المؤكد أن المجلس النيابي القادم، سيحمل على عاتقه العديد من القضايا والامور الهامة والحساسة التي يتحتم عليه أن يكون على قدر المسؤولية منها، وبالتالي فان شكل وهوية البرلمان القادم، ستحدد هي الاخرى شكل المرحلة السياسية القادمة، التي نراهن على عبور تحدياتها جميعا دون تخاذل أو استكانة.
ضعف البرلمانات السابقة ادى بدوره الى تغول الحكومات عليها، وتفردها بصناعة القرار وتفصيله حسب مقاساتها، مما تسبب بتفريغ السلطة التشريعية من مضمونها الفاعل، وخذلان المواطنين الذين فقدوا ثقتهم بها وبممثليهم.
وعليه، فان أهم ما يعول عليه في البرلمان القادم، ردم الهوة بينه وبين المواطنين اولا، واعادة الهيبة لسلطته، والثقة لناخبيه، والا فان الامور ستظل تراوح مكانها، بل مرشحة لمزيد من الانتكاسات التي لا تحمد عقباها، بل ولا نرجوها مطلقاً.
كنا نتأمل أن يسهم قانون الانتخاب الحالي، باشراك اكبر قدر من الاحزاب الاردنية، لضمان وصول جماعات مؤطرة فكرياً، لا برلمانيين فرادى، يلعبون في الساحة السياسية وحدهم دون قاسم فكري بينهم، الا أن رياح القانون سارت عكس ما تشتهي سفن الاحزاب التي وجدت نفسها مقيدة بقانون قد لا يفرز الا بضعة مرشحين غير قادرين على التأثير الحقيقي، او لا يفرز احدا من بعضها في اسوأ الظروف، وهو الامر الذي شكل مغامرة سياسية للاحزاب التي لم تجد في القانون متنفسا لها، ومساحة تمكنها من طرح قوائم انتخابية حقيقية تضمن وصول عدد من ذات القائمة بدلا من قانون لا يضمن سوى فوز مرشح واحد عن كل قائمة.
وبما أن الامور اصبحت محسومة، فان القوانين بالاساس ليست مقدسة، وعرضة للاجتهادات والتعديل والتبديل، الامر الذي نتأمله من المجلس القادم بل سنسعى له كاحزب بكل قوة، لتغيير القانون الحالي، بقانون اكثر نضجا، ويناسب الاحزاب السياسية بشكل أفضل.
وكما للبرلمان من استحقاق دستوري وشعبي هام وخطير، يتحتم على الاحزاب الاردنية والقوى السياسية، أن تتخذ هي الاخرى زمام المبادرة، وان تأخذ دورها الفاعل والحقيقي في المرحلة السياسية المقبلة، وأن تبدأ بتقوية نفسها وتغذية قواعدها الشعبية أولا، والعمل على تشكيل تكتلات حزبية جامعة، عبر توافقات سياسية مشتركة، تفضي الى قوة سياسية مؤطرة مؤثرة، قادرة على لعب دور سياسي جاد وفاعل.
* أمين عام حزب الشورى الاسلامي