كيف ولماذا انهارت "الخلافة الداعشية"؟
محمد مناور العبادي
18-09-2016 03:01 PM
"إِذَا خَرَجَتِ الرَّايَاتُ السُّودُ – كما نقل الصحابة عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ أَوَّلَهَا فِتْنَةٌ، وَأَوْسَطَهَا ضَلالَةٌ، وَآخِرَهَا كُفْر".
ووصف الخليفة الرابع سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه في كتاب الفتن حملة الرايات السوداء بان " شعورهم طويلة، وقلوبهم صلبة مثل الحديد، ويريدون أن يكونوا «أصحاب الدولة».ويطلقون على أنفسهم أسماء تشير إلي بلدانهم"
الافتقار لشروط دولة الخلافة:
هؤلاء هم تنظيم داعش اليوم الذي اعلن اقامة الخلافة دون ان يتوافر فيها شرط واحد من الشروط الشرعية التي اجمع عليها علماء وحكماء وفقهاء المسلمين في دولة الخلافة الاسلامية وهي :
- ان يبايع عموم علماء المسلمين الخليفة ويسمى - عقد البيعة –
- ان يكون للخلافة مقومات الدولة الاسلامية : بقعة جغرافية ذات سيادة،
وحدود معترف بها بالقوه المسلحة لايستطع احد اجتيازها، وان تكون
انموذجا يقتدى به لكل من وما حولها في الامن والامان والاستقرار والازدهار
والعدالة.
- ان يكون الخليفة قادرا على التجوال علنا في ارجاء البلاد يتفقد احوال
المسلمين في جميع مواقع الدولة، ويلبي احتياجاتهم، ويقيم فيهم الصلاة
بين فترة واخرى، وان يرسل الرسل، ويستقبل المبعوثين، ويعقد الاتفاقيات
مع العالم الخارجي
- ان يكون الخليفة، عبر مساعديه وقوات الدولة الاسلامية، قادرا على
الحكم بما انزل الله، وتطبيق الشريعة الاسلامية السمحة ايام السلم والحرب
عل حد سواء، على رعيته من المسلمين وغير المسلمين، ومع دول
الجوار،ليقدم صورة مشرقة عن الدين الاسلامي، تحبب الرعية والعالم به،
لا تنفرهم منه.
يمكن القول بثقة ان جميع هذه الشروط لا تنطبق من قريب او بعيد على خلافة ابو بكر البغدادي، مما يوضح ممارسات داعش الارهابية، من تجنيد الاطفال، والاتجار بالنساء غير المسلمات، واعتبارهن جوائز لمن يقبل الانضمام للتنظيم كما توصلوا الى اساليب شيطانيه في قتل معارضيهم، كان آخرها. تحطيم رؤوس من لايتفقوا بضربها بصلابة بالصخور، او القائهم من على اسطح بنايات عالية، فضلا عن عمليات القتل بالحرق في اقفاص حديدية، والذبح بالسكين، ودحرجة الرؤوس بعد قطعها، والتشنيع بها، ونشر ذلك في افلام فيديو لاعضاء داعش المفترض ان يكونوا بشرا والعجيب ان كل ذلك كانت تصاحبه هتافات الله اكبر امعانا في الاساءة للاسلام دين السلام
قوة داعش وهمية
يستمد تنظيم داعش قوته من ضعف الاخرين في مواجهته دينيا اولا، واعلاميا ثانيا، ونفسيا ثالثا، وعسكريا رابعا. كما ان استراتيجيته الارهابية تقوم على استخدام سياسة التوحش ونشر الرعب، واستخدام المال الحرام لشراء اتباعه، والاتجار بالمخدرات وبيع الاثار والنساء، وكل ما يمكن ان يخطر بالبال .فضلا عن استخدم المدنيين دروعا بشريه له، والمساجد دروعا امنيه لنشاطاته الارهابية. ولا يطبق التنظيم اي عنصر من عناصر قوة الدولة الاسلامية، سواء المادية منها او المعنوية، مما جعله وحلفاءه، لايكتفون بمحاربة المسلمين الاخرين، بل انهم ايضا يتقاتلون فيما بينهم على الغنائم المسروقة، وفق مصالحهم المادية.
والمعروف ان داعش وحلفاءها خبراء في كل ما يغضب الله ويتنافى من الدين الاسلامي، فهم يتبعون سياسات الخداع، والكذب، والاستهتار بحياة اعضاء التنظيم وكل المسلمين، من خلال العمليات الانتحاريه، التي يكون ضحيتها المدنيون.واخر ابتكاراتهم في تطبيق سياسة " ادارة التوحش " استخدام سيارات اسعاف مفخخة، وارسالها الى المستشفيات، لقتل الاطباء والممرضين، الذين يتراكضون نحوالسياره لاسعاف من فيها، كما يقتلون بذلك المرضى .
ومما يؤكد ضعف التنظيم انه بعد ان نما بسرعة، لعدم الجدية في محاربته، ثم انهار بسرعه رغم استيلائه على مساحات واسعه من سوريا والعراق وتزويده باسلحه حديثه . في حين كانت قيادته "تبشر" المسلمين ان دولة الاسلامية ستتمدد وتنتشر لتشمل العديد من الدول العربيه لاحقا، فحدث العكس تماماً.
لقدخسر التنظيم وحلفاؤه في الاشهر الاخيرة 56 موقعا احتلها العام الماضي في سوريا والعراق ( 62 % من 126 موقعا كانت تحت سيطرته)اضافة لما خسره في ليبيا واليمن . وبقي له فقط في بلاد الشام 70 موقعا، بدأت قوات قليلة العدة والعديد تحتلها اولاباول، (قوات سوريا الديمقراطية الكردية) مماجعله يعوض خسائره لرفع معنويات اعضائه المنهارة بتفجير سيارات مفخخه في الاسوق الشعبيه في العراق وسوريا بين المدنيين من الاطفال والنساء . ونظرا لجسامة خسائره وعدم قدرتها على اخفائها، اعترف التنظيم في بيان رسمي بهزائمه داعيا اعضاءه للصبر معتبرا هذه الهزائم - ابتلاء من الله -
هزيمة التنظيم :
بدأت عوامل هزيمة التنظيم، حين اكتشف العراقيون والسوريون الذين وقعوا تحت حكمه، ان لاعلاقة له بالاسلام ابدا، وان ممارساته ليست اسلاميه فحسب، بل اقسى من ممارسات اي محتل في العالم، اذ انتهج اساليب وحشيه – غير مسبوقه في التاريخ، في القتل، والتدمير، والادارة،، فاصبحت المقابر الجماعية لمعارضيه هي الحل، وعجز عن توفير المواد الغذائيه لسكان المناطق التي احتلها، فطاردتهم بسبب داعش المجاعات، والفقر، والبطاله، وانتهاك حقوق الانسان المسلم وغير المسلم على حدسواء، فاستعان بالاطفال المسلمين ليتجسسوا على ذويهم، وسبى نساء غير المسلمين، ودمرالكنائس، والاثار التاريخيه، وكل ماله علاقه بالحضارة والتاريخ والانسانيه، وانتهك عذرية غير المسلمات، وساد الفقر، والمرض، والجهل، والقمع الوحشي، والغي المحاكم في جميع مناطق احتلاله، واعتبر كل القوانيين التي كان القضاء يحسم بها في الخلافات بين الناس بانها كفر لانها وضعيه .
وبعد:
لقد اختطفت داعش الاسلام، وصورته للعالم، بانه دين قتل، و مجازر، وانتهاك اعراض، وتخلف، رغم انه عكس ذلك تماما، فتحية الاسلام هي –السلام – وحجاج بيت الله الحرام، يرتدون الملابس البيضاء، لانها رمز للسلام، ولم يبادر النبي محمد –ص- لقتال قوم مالم يبادروا باعلان الحرب عليه .
لقدامر الله سبحانه وتعالى المسلمين برمي الحجرالاسود في الكعبه بالحجاره، بحيث ان كل محاور الحج ترتكز على هذه النقطه. ما يستدعي من كل جموع المسلمين، ان يتحدوا معا، ويقاتلوا اصحاب الاثواب السوداء، الذين حذرمن قدومهم النبي العظيم .فحتى نرضي الله ورسوله .. علينا ان نسارع لاجتثاث هؤلاء من بين ظهرانينا، سواء المقاتلين منهم في صفوف الارهاب، او ممن ينتظرون تعليمات البغدادي لقتالنا في مرحلة لاحقة. ان واد الوحش الداعشي الاسود، هو طريقنا حتى لا نصبح منبوذين في الارض، ومطاردون في كل مكان. وحتى نثبت للدنيا كلها، اننا خير امة اخرجت للناس.
* صحفي وباحث