حتى لا نغتال المجلس قبل ولادته
فايز الفايز
18-09-2016 01:19 AM
لو سألني شخص ما عن موقفي من الإنتخابات للمجلس الثامن عشر القادم بعد ثلاثة أيام سيكون رأيي باهتا و»مغمغم» وفيه مساحة واسعة من الرمادية، بناء على مخرجات المترشحين والبنية التي قامت عليها التحالفات وبناء القوائم وليس آخرها القانون، ولكن الواجب المهني يحتم التأكيد على أهمية الإنتخاب وتوجه المواطنين الى الصناديق، حتى إذا لم نكن مقتنعين بمترشح ما،أو نرى أن المؤشرات الأولية تتجه الى إعادة تدوير ذات الشخصيات المستهلكة أو إستبدالهم بشخصيات مماثلة، كمترشحي البزنس أو عشاق الوجاهة والألقاب، وهذا يجب أن يدفع الجميع الى تغيير تلك الصور الباهتة بانتخاب الضد الوجيه والمترشحين الأكفياء، وإثبات القدرة على التغيير لا التعكير.
يفصلنا يومان عن موعد الإنتخابات ، وطالما وصفت إنتخاباتنا بالعرس الديمقراطي، وهو وصف مطابق فعلا بناء على فلسفة الحياة، فالعرس حسبما جاء في الأمثال: « الهنا لإثنين والتعب لألفين» فالعروسان يتبختران ويذهبان الى شهر عسلهما، وبقية العائلة تذهب لمعالجة التعب والنوم العميق، ولكن هذا الأسبوع يجب أن يقلب الشعب المعادلة، ليُخرج ممثلين عنهم يتعبون منذ اليوم الأول في محاولة إصلاح الأوضاع التشريعية والرقابية والمساعدة في إجتراح الحلول للحكومة المقبلة أو المستمرة على الأغلب، ويتعبون كثيرا في فهم كل ما يدور حولهم من تحديات مقبلة، وهي تحتاج الى رجال على قدر عال من الكفاءة والإحترافية لمعرفة كيف يؤيدون وكيف يعارضون التسويات المفترضة.
سأكرر ما كنت أقوله منذ سنوات طويلة: مجلس النواب هو مخرجات المجتمع، حتى لو تكن النتيجة مائة في المائة أو حدثت بعض الهنات هنا أو هناك،وهذا يتطلب من الجميع أن يحكموا عقولهم فلم يعد هناك وقت للتجارب الفوضوية والنزعات القبلية والعشائرية والعائلية والتحزب، فلرب ثلاثين في المائة من عدد أعضاء المجلس يكفي لإعطاء المجلس قيمته الحقيقية في وقف هذا النزيف المؤلم في الشخصية البرلمانية التي شهدناها خلال السنوات الماضية ، فالخطأ يوم الثلاثاء القادم هو أشبه بخطأ الجراح خلال العملية فقد تقتل المريض،ولهذا يجب أن لا يقتل الناخب المجلس القادم بخطأ الإختيار، ثم نضع اللوم على الحكومة ونشبع النواب شتما فيما بعد.وحتى نعرف شيئا عن مشكلتنا الإجتماعية،دعوني أستعرض بعضا من ملاحظات التحالف المدني لمراقبة الإنتخابات «راصد» الذي عرض نتائج قراءته لنوعية وتصنيفات المترشحين تعليميا وتنظيميا وتصنيفيا:
عدد القوائم 226 قائمة بنيت على ما يلي: تحالف عشائري 43.5 %،تحالف عشائري حزبي 11%، تحالف حزبي 6.4 %، مستقلون 39.1%، فيما يبلغ عدد المترشحين من مرتكزات عشائرية واجتماعية 569 مترشحا تقريبا بنسبة 45.5%، حزبيون وسياسيون 225 مترشحا بنسبة 18% ، خلفيات دينية ودعوية 51 مترشحا بنسبة 4.1%، بين هؤلاء وأكثر أظهرت الدراسة تصنيفات وظيفية للمترشحين كالتالي: رجال أعمال وشركات 305 مترشحين، متقاعدون عسكريون 162 مترشحا، موظفون حكوميون سابقون 150 مترشحا، محامون 120 مترشحا، أكاديميون 120 مترشحا، مهندسون 86 مترشحا، أطباء 65 مترشحا، إعلاميون 40 مترشحا.
اللافت للنظر بل هو متوقع نظرا للجرأة التي تتملك البعض جهلا بأصول المنافسة، أن التحصيل العلمي للمترشحين يفرز حقائق صادمة، حيث يظهر التقرير أن 5.8% من المترشحين تحصليهم الدراسي دون الثانوية العامة بعدد 73 مترشحا تقريبا، فيما الحاصلون على الثانوية فقط نسبتهم 13.1% وبعدد 162 مترشحا،وهذا لا ينتقص من مكانتهم الشخصية بالمناسبة، ولكن يؤشر على ما اعتقد أنه كِبر السن لبعض المترشحين،وهو ما لم يرد في التقرير عن مستويات الأعمار المختلفة بين مترشحي انتخابات 2016 والتي يلعب الشباب فيها دورا مفصليا في تغيير الواقع والكفاح من أجل صنع مستقبل أفضل حسب معطيات التغير النمطي للأجيال.
من هنا بات لزاما على الجميع أن يضع نصب عينيه المشاركة والتصويت للأفضل ولخير من يمثل طموحات الشباب من الجنسين وأن يضع المجتمع حدا لهذا الإستهتار الذي يرتكبه الكثير من المعرقلين لجهود الخلاص من الواقع المرير لمئات الآلاف من الشباب الباحث عن فرصة لتحقيق طموحاته بعيش أفضل وتعليم أفضل وبيئة اجتماعية وسياسية واقتصادية أفضل، فأولئك الذين تخصصوا في عرقلة جهودكم وتثبيط طموحاتكم هم أنانيون أصحاب مصالح فردية لا يهمهم وطن ولا شعب ولا مستقبل أمه، فانتخبوا لأن المطر سيهطل رغم أمانيكم بأيام مشمسة، عل الله يغير ما بنا إذ غيرنا أعتابنا.
الراي