لا يعرف الأردني أنّه يدفع ستّة عشر بالمائة من سعر ساندويش الشاورما أو الفلافل ضريبة مبيعات ، ويظنّ أنّ الأمر يتعلّق بارتفاع الأسعار العالمي المتعلق بالنفط والحروب والتضخّم ، وأزمة الشرق الأوسط المزمنة ، وقد تأخذه ظنونه إلى جشع أصحاب المطاعم لتحقيق أرباح خيالية على حساب بطنه ، وسدّ جوعهولا يعرف المواطن الأردني أنّ هناك ثلاثة وأربعين مليون دينار أعفي منها كبار التجار ، لسبب عدم معرفتهم مسبقاً بأنّ عليهم حساب ضريبة المبيعات ، وهكذا فنحن نقف مع الأغنياء دوماً ، ونطالب الفقراء بالمواطنة الحقّة ، وتقديم ما فرضته الضرائب عليهم بطيبة خاطر ، ولو أدّى الأمر إلى تجويعهم.
أمّا الشاورما والفلافل فهي ملاذ الفقراء ، والمواطنين العاديين ، والوجبة السريعة التي يصطفّ الناس أمام أسياخها وقدورها بالطوابير ، وتسدّ حاجة ضرورية لمواطن لا يستطيع الطبخ والنفخ كلّ يوم ، وتصوّروا أنّ هناك لجنة ثلاثية مكونة من ثلاث جهات تمثيلية في المجتمع ، واصلت اجتماعاتها طوال أشهر لبحث مسألة هذه الستة عشر بالمائة ، وأخيراً وصلت إلى توصيات ستذهب إلى الحكومة لتدرسها ، وقد تقرّ شطب الضريبة أو لا تقرّها ، فهذا من شأنها ، لا من شأن الفقراء.
ونفاجأ بشطب دينار من رصيدنا الهاتفي الخلوي ، برسالة من الشركة تقول إنّها ستذهب لدعم الجامعات بناء على تعليمات وزارة المالية ، فهل تملك الوزارة هذا الحقّ ، وإذا ملكته بالقانون فهل يجوز التصرّف بطريقة السطو المسلح ، دون إخبار مسبق ، وبإرغام المواطن الذي قد يريد في هذه اللحظة الاتصال بمستشفى أو بالشرطة لحالة طارئة؟
إنّنا لا ندعو إلاّ إلى الشفافية والمساواة والعدالة في التعامل مع الجميع ، وأخذ اعتبار الفقراء ومحدودي الدخل قبل كلّ شيء ، فهم يشكّلون أغلبية العباد في هذه البلاد ، وهم الذين يحسبون الدنيا بالتعريفة والقرش والشلن والبريزة في وقت لفظت الأسواق كلّ هذه القطع المعدنية ، وتقترب من لفظ الدينار نفسه،