قليلة هي الأشياء التي تبعث على الفرح في بلادنا ، ومنها خبر صغير منشور بالأمس في صحيفتنا "الدستور" عن اتفاق "اللجنة الثلاثية" المشكلة لدراسة اعفاء ضريبة المبيعات المفروضة بنسبة 16 في المائة على المأكولات الشعبية على الصيغة النهائية لمشروع الاعفاء ، فقد أبلغ نقيب اصحاب المطاعم والحلويات رائد حمادة "الدستور" ان اللجان الفنية من الجهات المعنية المتمثلة بجمعية حماية المستهلك ونقابة المطاعم ، اضافة الى الضريبة توصلت الى اتفاق حول المسودة النهائية للمشروع حيث تم رفعه الى ضريبة الدخل،
دائرة الضريبة والمبيعات كانت اشترطت على أصحاب مطاعم الماكولات الشعبية الالتزام باسعار محددة وبمواصفات عالية الجودة في حال تنفيذ مطالبهم بخفض الضريبة على منتجاتهم لتحديد الأسعار في المطاعم ، خصوصا مطاعم المأكولات الشعبية في المملكة ، بحيث تكون السلعة المعفاة من الضريبة ضمن مواصفات معينة على اصحاب المطاعم والحلويات الالتزام بها ، وهنا مربط الفرس أو بالأحرى مربط "ساندويتش الفلافل" تحديدا ، فهذه اللفافة الساحرة هي قوت عدد ساحق من المواطنين ، ويندر أن تقصد مطعما شعبيا ولا تجد جمهرة من الناس تقف في "الدور" في انتظار حصولهم على وجبتهم اليومية من الفلافل ، خاصة من إخوتنا العاملين في الميدان من رجال الأمن العام ، والملاحظ هنا أن هناك مساحة واسعة من "الاجتهاد" فيما تضمه هذه اللفافة تختلف من مطعم لآخر ، ومن واقع خبرتي العريقة بهذا النوع من المأكولات وعشقي الطويل له ، أستطيع أن "أفتي" في هذا الأمر على نحو استثنائي ، فثمة أنواع من هذه اللفافات لا تستحق القروش القليلة التي تُدفع ثمنا لها ، لأنها غير ملبية للشروط الدنيا من "الجودة" سواء لجهة الزيت المستعمل في قلي الفلافل ، أو لجهة نوعية المواد "المضافة" ومكونات السلطة ومدى ملاءمتها للصحة ، إذا حدث وأقرت تسعيرة جديدة لهذا النوع من المأكولات ، فيتحتم على أصحاب مطاعم الفلافل والفول والحمص أن يلتزموا باشتراطات صحية صارمة ، كي يبقى للفلافل ألقه ، وللفول والحمص طعمهما اللذيذ ، مطلوب من هؤلاء أن ينتجوا سلعة صالحة للاستهلاك البشري وتحت رقابة صارمة ، كي لا يُتركوا يعبثون بصحة أبناء هذا الشعب الغلابى الذين يلوذون بالفلافل كمحطة أخيرة بعد أن اشتدت وطأة الأسعار ، ولم تترك لهم خيارا غير هذا النوع من الأكل المتاح.
مسألة أخرى لا بد من الاتفاق عليها ، وهي توحيد سعر اللفافة ، وكميات الفول والحمص مقابل ما يدفع من نقود ، فلا يعقل أن تبيع المطاعم لفافة الفلافل كل على هواه ، وبالسعر الذي يريد ، فالفلافل سلعة "استراتيجية" شعبيا ، والعبث بها يهدد الأمن الغذائي لجماهير غفيرة من الناس ، ولا بد من وضع مواصفات صحية وقياسية للعمر الافتراضي لزيت القلي ، وعدد مرات استعماله ، وكمية الحمص أو الفول المباعة مقابل سعر معين ، فلا يعقل أن يبيع أحدهم "لحسة" حمص بنصف دينار ، ويبيع أخر ما يكفي لإطعام خمسة أنفار بالسعر ذاته ، وقل مثل هذا عن الفول، قد تبدو هذه التفاصيل تافهة لدى قطاعات من القراء ، لكنها شديدة الأهمية لأعداد متزايدة من صغار الكسبة والموظفين ورقيقي الحال من الناس ، لأن منتجات المطاعم الشعبية جزء خطير من غذاء الأردنيين اليومي ، ولئن كان الفلافل عند بعض القوم ترفا لا يُؤكل إلا على "شهوة" فهو عند كثيرين مقرر يومي لا بد منه ،