واقع جديد للادارة الحكومية
د.نبيل الشريف
16-09-2008 03:00 AM
بعد تدخله السريع لوقف الجزء الثاني من عطاء تطوير العقبة المحال الى مكتب هندسي مملوك لزوجة احد المسؤولين ، قام رئيس الوزراء نادر الذهبي امس باحالة «8» شركات جديدة تتعامل بالبورصة الاجنبية الى محكمة امن الدولة.
واذا ما توقفنا عند هذه القرارات مجتمعة ، فان الحكومة تكرس صورة ايجابية للغاية ، كما ان رئيس الوزراء يسجل اداء يبعث على الاعجاب في اذهان المواطنين. فقد اعتاد الناس على بطء ومماطلة الحكومات في اتخاذ القرارات ، كما تعايشوا طويلا مع مصيبة ترحيل الازمات التي عانى البلد منها طويلا ودفع ثمنا باهظا لها. فقد كانت كثير من الحكومات تشتري الشعبية على حساب اتخاذ القرارات الحاسمة التي تخدم مصلحة الوطن ، وكانت كثير منها تبتعد عن التحديات الساخنة وتفضل «كنسها تحت السجادة» كما يقولون بدلا من مواجهتها واتخاذ ما يلزم من اجراءات بشأنها.
ولقد احسن رئيس الوزراء صنعا باتخاذ قرار وقف احالة عطاء العقبة ، واحالة الشركات المتعاملة بالبورصة الاجنبية الى محكمة امن الدولة. والرسالة التي لا بد انها وصلت الى الجميع هي ان هذه الحكومة ليست مستعدة لقبول التطاول على المال العام ، او السكوت على اية شبهة قد تلحق الضرر بمصلحة الوطن حاضرا او مستقبلا.
وعندما يضرب رئيس الوزراء المثل بهذا التصرف الحازم مع الفساد او شبهة الاضرار بالصالح العام ، فان الكثيرين في القطاعين العام والخاص ممن استمرأوا التطاول على المال العام لسنوات لا بد وانهم سيعيدوا النظر في حساباتهم لانهم يعرفون الان ان السكوت عن اي شبهة فساد غير واردة على الاطلاق من قبل الحكومة ، وان زمن ترحيل الأزمات أو «لفلفة» القضايا قد ولى الى غير رجعة.
لقد تغيرت الدنيا وتنوعت المخاطر التي تواجه مجتمعاتنا. واذا كان للانفتاح الاقتصادي حسناته ، فان له سيئاته ايضا.. وقد أصبح بلدنا معرضا ، مثل سائر بلاد العالم لجرائم اقتصادية لم نكن نسمع بها من قبل. وقد أحسنت الحكومة صنعا بسن قانون مؤقت ينظم عمل شركات البورصة الاجنبية التي تسبب كثير منها في تكبيد العديد من المواطنين خسائر باهظة. وأحسب أننا مطالبون باستباق الاحداث واجراء مراجعة لتشريعاتنا الاقتصادية من قبل مختصين لمعرفة مدى ملاءمتها للتحديات التي يواجهها العالم.
واذا كانت الحكومة قد قامت بواجبها في معالجة موضوع البورصات الاجنبية ، فان مسؤولية كبيرة تقع على المواطن. فمن الغريب فعلا ان احدا من المواطنين لم يقدم شكوى حتى الان بحق هذه الشركات ، مع ان الاف المواطنين فقدوا مدخراتهم جراء وقوعهم في فخ تلك الشركات. ومن اللافت ايضا ان قائمة ضحايا هذا الشركات لا تقف عند حدود المواطنين البسطاء ، بل تشمل بعض الاكاديميين والمتعلمين والمهنيين ، وهذا يؤكد أهمية وعي المواطن ودوره الاساس في التصدي للممارسات الخاطئة.
نشد على أيدي الحكومة ورئيسها ونسجل لها النجاح في تقديم صورة جديدة حازمة للادارة الاردنية التي لا تتردد في اتخاذ القرارات التي تخدم الصالح العام ولا ترحل الازمات ، بل تواجه التحديات وجها لوجه بصلابة ورباطة جأش.