لا يتوفر لدي رقم لحجم الإدخار في الاقتصاد الأردني ، والأرجح أنه أقل بكثير من التوقعات ، لأن الفوائض التي يحققها القطاع الخاص ، يقابلها العجز في موازنة الدولة ، أي أن الحكومة تقترض إدخارات قطاع العائلات من خلال البنوك وتنفقها كمصاريف جارية.
حتى وقت قريب كان حجم الاستهلاك الخاص والعام عندنا يعادل 105% من الناتج المحلي الإجمالي ، أي أننا نستهلك كل ما ننتج مضافاً إليه نسبة معينة تغطى من مصادر خارجية كالقروض.
ليس معروفاً ما إذا كان هذا الوضع قد تغير في السنوات الأخيرة ، وإلى أي مدى ، ويخشى أن يكون قد تفاقم ، ذلك أن دائرة الإحصاءات العامة لم تعد تنشر الحسابات القومية باعتبار أن الناتج المحلي الإجمالي هو مجموع الاستهلاك والاستثمار مطروحاً منه عجز الميزان التجاري أي زيادة المستوردات عن الصادرات من السلع والخدمات.
الادخار السالب وضع شاذ قلما تجد لها مثيلاً في بلاد أخرى ، أصبح ممكنا بالنظر لتوفر موارد مالية خارجية تغطي الفجوة ، وفي المقدمة حوالات المغتربين الأردنيين ، وحصيلة المنح العربية والأجنبية ، فضلاً عن الرصيد المتصاعد للمديونية.
هذا ضعف هيكلي في بنية الاقتصاد الأردني ، نشأ واستمر نتيجة ظروف معينة لا تتكرر في بلد آخر.
ليس لدينا مانع بطبيعة الحال من أن نأخذ راحتنا في الاستهلاك الكثيف الذي لا تسمح به مواردنا الذاتية ، طالما أن هناك مصادر جاهزة لسد الفجوة الكبيرة قد تكون أو لا تكون قابلة للاستمرار. إذا كان ما يتحقق في الأردن هو إدخار سالب ، فهل يمكن أن يتحقق النمو الإيجابي في ظل إدخار سالب؟.
هناك من ينكر أن الاردن يحقق إدخاراً سالباً ، ولكن حجم الدين العام يؤكد هذه الحقيقة ، فالاقتراض هو الوجه المعاكس للإدخار.
ليس هناك عاقل يعترض على كثافة حوالات المغتربين أو ارتفاع حصيلة المنح العربية والأجنبية ، ولكن ماذا إذا تراجعت هذه المصادر سنة بعد أخرى ، مما يضع الاقتصاد الأردني في مأزق.
هل هناك ما يمكن عمله تجاه هذا الوضع ، وهل هناك إجراءات يمكن الأخذ بها لتلطيف الحالة؟ هنا نتساءل: هل من الضروري ان ينفق الأردنيون 200 مليون دولار شهرياً في الخارج على السياحة بجميع أشكالها ، فضلاً عن الحج والعمرة.
لا نقول بالمنع ، ولكن برفع الكلفة بالطرق المعروفة.
الراي