لأننا نعطل يومين في الاسبوع يحدث أنْ تمتد عطلة الأيام المقررة الثلاثة في عيد الأضحى، الى التسعة ايام، وهي قطعاً عطلة طويلة اذا أخذناها بعدد الأيام خاصة وأننا شعب انتاجيته قليلة، لكن الحقيقة أنّ العمل يستمر بالتناوب، وخاصة في حقول الأغوار والبادية، والعاملون في أقسام الأطعمة في المولات والموظفون في الاعلام والأرصاد الجوية، ومحطات الوقود، وبطبيعة الحال الجيش والأمن والدفاع المدني.. فهي لا تُغلق ابوابها.
كنا في ألمانيا نُعطل، عملياً من 24 كانون اول الى 2 كانون ثاني من العام الجديد، وذلك في عطلة معلنة مدتها ثلاثة أيام، لعيد الميلاد وعيد رأس السنة، والمجتمع المنتج يحتاج الى هذه العطلة الطويلة، وبخاصة أولئك الذين يبحثون عن الدفء في البحر الأحمر، أو الذين تشغفهم جبال الألب المثلجة فيمارسون التزلج أو الذين يقضون الوقت في التجمع العائلي.. والميلاد هو عيد العائلة في بلاد العمالة المتحركة، فالعائلة قد تبعد عن مكان العمل الف كيلومتر.
وللأعياد بهجتها وأعباؤها، وهي مناسبة استحضار عظيم لميكانيكيات التقاليد والعادات الموروثة، وكلها لا دخل لها بالإيمان الديني.. لذا أسميناها بالميكانيكيات، فالذبح صار يتم أحياناً كثيرة في مسالخ محددة، وصار لحم الأضحيات ينتقل مئات الكيلومترات في شاحنات مبردة ليُوزع على فقراء لا نعرفهم، أو نتبرع بكلفة الأضحية إلى مؤسسة خيرية كتكية أُم علي التي تُطعم الفقراء طوال العام
العالم يتغير من حولنا، وتأخذ عقائدنا وتقاليدنا وعاداتنا أشكالاً مختلفة عما كانت قبل مائة عام.
ونحن نذكر أيام كان الحاج يركب ظهر الجمل ليصل إلى المدينة ومكة.. ويحج ويطوف ويقف على عرفات ويعود في أربعة أشهر.. وكيف نحج الآن بالطائرات وننزل بفنادق قد نطل من غرفها على الكعبة المشرفة، ونركب قطاراً مكيفاً الى عرفات، كل ذلك دون ان تكون رفاهية الحج تنتقص من قيمة الحج الدينية، واجوائه النورانية.
الدنيا تتغير، وتصطدم حتماً بكل الذين يرفضون هذا التغير، ويصرون على أنهم يملكون ما هو غير قابل للامتلاك!.
الراي