اضطررت للرجوع إلى مجموعة من معاجم اللغة العربية المطبوعة والإلكترونية ، لمعرفة ما يمكن أن يطلق على عدد من الموظفين الحكوميين وشبه الحكوميين ، منهم من تخرج بالأمس من الجامعة ، ومنهم من سبقه بفصل أو أكثر ، ويتقاضون رواتب يبلغ أقلها أربعة أضعاف راتبي التقاعدي ، ويصل بعضها إلى ما يزيد على عشرة أو عشرين ضعف هذا الراتب ، وأنا خريج جامعة منذ أكثر من 35 عاما ، وخدمت في سلك الدولة 20 عاما . وإليكم أيها السيدات والسادة بعضا من نتائج بحثي عن المسمى المناسب لهم .- الجهبذ أو الجهباذ : الناقد العارف بتمييز الجيد من الرديء .
- الألمعي أو الألمع : الذكي المتوقد الفؤاد .
- العبقري : الكامل في كل شيء ، والمتفوق المبرز ، والسيد الذي ليس فوقه شيء .
- الفذ : من لا نظير له .
وقد وجدت أن المسمى الأنسب لهم هو " العباقرة " لأن الواحد منهم كامل في كل شيء ، أي كامل الأوصاف ، لكننه لم يفتنني ، بل فتن من " فصّل " له الوظيفة ، وعيّنه ومن وافق على تعيينه أيضا . والعبقري هو المتفوق المبرّز ، فقد تفوق على كل عباد الله من أبناء الوطن بما لديه من واسطة شفعت له ، وعملت جهدها ليكون مكسبا للوطن المعطاء ، وإلا كيف يكون الوطن معطاءً إذا لم نقدم له المتفوقين المبرّزين . والعبقري سيد ليس فوقه شيء ، فهو فوق العدالة والقانون والنظام ، ويجب أن يكون فوق أقرانه من مواطنيه ، وإلا كيف سيكون سيدا ؟
أما وقد وجدت المسمى المناسب – أعتقد أن الأفذاذ مسمى مناسب أيضا – أود طرح السؤال التالي : هل يتمتع العبقري من مجموعة العباقرة الذين اعتلوا المناصب واحتلوها ظلما وبهتانا ، بشهادات ومؤهلات علمية وخبرات ، لا تتوفر بغيره ؟ قطعا لا فالأردن يغصّ بالمؤهلات العلمية ، وأجزم أن في الأردن شهادات ومؤهلات من جامعات محلية ، وأخرى خارجية ، شرقية وغربية ، علمية وعملية وأدبية ، إدارية وفنية ، في شتى العلوم والمعارف . إن عامل استقطاب هؤلاء العباقرة غير وارد فالمثل يقول : " عندنا من الخروب سِدّة مليانه " إذ لم يعد هناك تخصص نادر نفتقد إليه ، ولم نسمع أننا انتزعنا العبقري فلان من بين أيدي عملاء وعلماء وكالة الفضاء الأمريكية ( ناسا ) ودفعنا له الراتب الفلكي منعا لخسارة الوطن لعبقريته .
إن العباقرة الذين " لهفوا " الرواتب الخرافية ليسوا بقطع نادر ، بل هم إداريين ومهندسين ، وما نحو ذلك ممن ضاقت بهم وبغيرهم سوق العمل والوظائف في الأردن ، وقد ولدتهم أمهات أردنيات قادرات على إنجاب أفضل منهم مرات ومرات ، وقول : " عجزت النساء أن يلدن مثل خالد " أمر لا يتكرر .
يمكن لرواتب عشرات العباقرة المنتشرين هنا وهناك ، أن توفر رواتب لمئات بل آلاف الأردنيين من الباحثين عن عمل ، ولا يجدونه لأسباب منها عدم توفر المال الكافي للتعيين .
معلومة : قيل لي وأنا طفل ، أن اللص هو الذي يسرق " طناجر " النحاس ، وحبال الغسيل ، وكبرت وعلمت أن كل من يأخذ ما ليس من حقه المشروع ، أو يساعد الآخرين في الحصول عليه هو لص أيضا ، وأن أقل اللصوص جُرماً هو سارق النحاس والغسيل والدجاج .
haniazizi@yahoo.com