من منا لا يعشق فاكهة الصيف… البطيخ والشمام الاردني ذو الطعم الحلو الجميل والأصيل؟!

من منا لا يحب ان يعود الى منزله ببطيخة كبيرة لأسرته ليسطّحها في سدر "حزوزا هلالية" ويأكلها باستمتاع "فغماً فغماً" كما كنّا نفعل نحن الأردنيين في السبعينيات والثمانينيات قبل ان نعرف هذه الخردة الحديدية المدعوة بـ "الشوكة"!!

لكن كما حصل معي خلال الشهرين الماضيين، لا يبدو ان معظم الشعب الاردني استمتع بموسم بطيخ وشمام خال من العيوب!

وكوني من عشاق هذه الفاكهة الرائعة، فقد كنت ارغب بالحصول عليها طيلة فترة موسمها دون توقف، لكنني في كل مرة كنت اذهب للشراء من احد أسواق اربد اسمع نصائح من القريب والبعيد من قبيل ان طعم البطيخ والشمام ليس جيدا فلا تهدر فلوسك، فكنت ارضخ في كثير من الأحيان، لكن ذات مرة قررت تجاهل أولئك المحرّضين، فقمت بشراء ثلاث بطيخات و"شمامتين" دفعة واحدة.

في البيت وعندما سطّحت اول واحدة، لم اجدها تشبه البطيخ في شيء سوى الشكل الخارجي!

اما البطيخة الثانية فكانت صادمة لنا، ليست بالحمراء ولا بالطعم الحلو، كانت بطيخة وما هي ببطيخة، بل كانت مثل الماء العذب: لا لون ولا طعم ولا رائحة!

لكن البطيخة الثالثة كانت مختلفة تماما، كانت صفراء فاقع لونها، ليلها كنهارها، لا بزيغ عنها الا من يعاني من عمى ألوان!

ولم تكن الشمامتان بأحسن حال من البطيخات الثلاث!

حينها قالت لي والدتي: طلبت منك ان لا تشتري بطيخ او شمام ولم تستجب لي… الله
يعوّض المغلوب البركة!!

وبحكم عملي واقامتي في قطر، فإنني لا اشتري سوى البطيخ والشمام الاردني ومختلف أصناف الخضار والفاكهة المستوردة من الاردن والتي تملئ السوق القطري وغيره من الاسواق الخليجية، ليس لسبب إلا لكونها من اجود أصناف الفاكهة المتوفرة، ولمعاييرها المشددة ومواصفاتها وتنافسيتها العالية في الخارج!!
لذلك، عندما قيل لي خلال قضاء إجازتي السنوية في الاردن بأن طعم البطيخ والشمام ليس جيدا، لم اقتنع بذلك استنادا الى تجربتي مع هاتين السلعتين في أسواق الدوحة، الى ان حصل ما حصل وبِت على يقين بأن الفواكه والخضار الموجهة للأسواق الخارجية تختلف كليا عن تلك الموجهة للسوق المحلي!!

السؤال الآن: لماذا؟، هل هناك نوعان من انتاج الخضار والفاكهة بمعايير ومواصفات مختلفة لنوعين من المستهلكين أحدهما يأكل منتجات فاخرة والآخر "برارة"؟!

هل هناك مستهلكون محسّنون خارج الاردن مثل المنتجات التي يأكلونها يجب مراعاة عدم جرح مشاعرهم وصحتهم من خلال تصدير أفضل انتاج لدينا لهم مقابل مستهلكين غير محسنين في السوق المحلي لا يعبأون بما يأكلون، بل وبأكلون الأخضر واليابس!!
آن الاوان ليأكل الشعب الاردني أفضل انتاج أردني!

آن الاوان ليشعر الشعب الأردني بأنه شعب محسّن يستحق الانتاج المحسّن!
الا يكفينا فقرا وفسادا وغلاء واحوال معيشية واقتصادية صعبة حتى نأكل "البرارة"!
الا يكفي ذلك لنأكل من أفضل ما وهبنا الله من خيرات هذه الارض الطيبة وترابها الطاهر؟!

لقد آن الأوان.