هل كان يحتاج باسم عوض الله لأن يفجع برحيل والدته حتى يظهر مدى تقدير الأردنيين واحترامهم للرجل, واستيائهم من كل الإشاعات والافتراءات التي وجهت اليه؟.
وهل كانت وفاة والدته مناسبة لكي يتقدم الشيخ عبد المنعم أبو زنط على عكازته ليقدم موعظة الترحم على روح المرحومة الفاضلة المتعلقة بالقدس والأقصى كما جاء في الموعظة الحسنة؟؟.
أسئلة استفزازية ليست من عندي, بل ساقها النائب توفيق كريشان وهو يشهد حجم ونوعية الأردنيين الذين وصلوا من العقبة حتى الرمثا, من كل الطبقات والشرائح والمكونات الأردنية, من المدن والأرياف والبوادي والمخيمات، مشهرين انحيازهم في تقديم واجبات العزاء للإنسان الذي ما يزال يشغل الموقع السياسي والإداري الأول الى جانب جلالة الملك في الديوان الملكي.
قد يكون الحضور بالآلاف خلال الساعة الواحدة طوال ساعات فتح بوابات العزاء, سببه أن الرجل هو رئيس الديوان الملكي, وهذا صحيح مائة بالمائة, ولكن الصحيح أيضا أن الاتهامات وجهت اليه وهو ما يزال يشغل الموقع نفسه والمكانة نفسها. ويجيب "أبو عبدالله كريشان" ردا على أحدهم بقوله: إن الافتراءات جاءت من نفر استغل هوامش الحرية المتاحة في بلادنا, ووظفها لما يريد, حيث اغتيال الشخصية لا يتوقف عند حدود, ولكن هذا الحشد من الأغلبية الصامتة هو الرد على افتراءات البعض, وبخاصة وأن هذا الحشد لا يملك منبرا يتيح له فرصة التعبير عن مواقفه وانحيازاته, فكان رحيل والدة باسم عوض الله الفرصة المتاحة والمنبر المتوفر, وتحول ديوان العزاء الى المنبر الهادئ الصامت والرد العملي المباشر على حملة الافتراءات والاتهامات, مقدرين أن الرجل لا يملك فرصة الرد على خصومه, فموقعه الى جانب جلالة الملك لا يأذن له بحرية القول والتصرف كما يفعل أي مواطن متهم.
الأردنيون بانحيازهم وتقديرهم لباسم عوض الله لا يعملون على تبرئته, وهم لا يملكون ذلك, إذا كان متورطا في أي عمل أو إجراء مخل بالقانون, مثلما لا يملك الذين افتروا عليه وقائع إدانته, فالموقف في الحالتين هو انحياز سياسي بامتياز, فالذين "دقوا به" لهم دوافع سياسية, والحشود التي أمت بيته, اندفعت للتعبير عن مواقفها وتقديرها لأسباب ودوافع سياسية أيضا, ذلك لأن الأردنيين يثقون بجلالة الملك, ويحترمون خياراته, فهو يملك المعلومة والقرار ومطل على فحوى الاتهامات الموجهة الى رئيس ديوانه. ومثلما لم يتردد جلالته في اتخاذ القرار السياسي الواضح المعلن في تقديم شخصيات أردنية نافذه للقضاء, فهو يملك الإرادة والشجاعة في اتخاذ القرار المناسب بحق الرجل الذي يشغل موقعا إداريا وسياسيا مهما الى جانبه.
كم من رئيس وزراء دفعه جلالة الملك الى تقديم استقالته على خلفية إخفاق أو عدم مقدرة على تنفيذ توجهات كتاب التكليف, أو بسبب تورط في مصالح خاصة, وأكثر من مدير مخابرات أعفاه جلالة الملك لنفس الأسباب الموجبة, وباسم عوض الله لن يختلف عن هؤلاء أو أولئك, ولذلك لم يتردد جلالة الملك ولن يتردد في اتخاذ القرار بحق باسم عوض الله إذا لمس صاحب القرار وجود أي شبهه في أداء أو مواقف أو إدارة أو علاقات رئيس ديوانه.
الأردنيون يحترمون إرادة الملك ويثقون بمن يثق به, حتى يثبت العكس, وطالما أن باسم عوض الله يحظى بثقة الملك, سيبقى موضع ثقة الأردنيين واحترامهم وتقديرهم, ولهذا تجاوز الذين افتروا على باسم عوض الله, الخطوط الحمراء, ليس لأنه محصن ولا يجوز المساس به, بل لأنه يشغل موقعا يجب عدم المساس به وعدم الاقتراب منه, طالما يعمل مع الملك ولا يتحمل أي مسؤولية في السياسات الحكومية, فهو بكل بساطة في الموقع غير المقرر وفي الموقع غير المنفذ, بل هو في الموقع الاستشاري الإداري المساعد لجلالة الملك وهذا سبب قوته وسبب الهجوم عليه!!.
hamadeh.faraneh@alghad.jo
الغد