اقتصاديات احتياطي العملات
د. فهد الفانك
08-09-2016 12:46 AM
عند تعداد نقاط القوة في الوضع الاقتصادي الأردني فإن أول ما يرد إلى الذهن أن البنك المركزي كان يحتفظ في نهاية 2015 باحتياطيات كبيرة من الذهب والعملات الأجنبية في حدود 4ر15 مليار دولار ، تكفي لتغطية المستوردات لمدة ثمانية أشهر ، أي أكثر من ضعف حد الامان المتعارف عليه عالمياً.
مع ذلك فإن نقطة القوة هذه على أهميتها لا يجوز أن تسمح بالاطمئنان إلى حد التساهل ، على اعتبار أن خط الدفاع الأول قوي ، فهناك عوامل اخرى يجب أن تؤخذ بالاعتبار ، وتجعـل الاحتياطي قابلاً للحركة السريعة ، بهذا الاتجاه أو ذاك ، في ظل ظروف متغيرة لا تخضع للسيطرة ويصعب التنبؤ بها. وهنا نلاحظ أن الاحتياطي هبط بنسبة 2ر6% خلال النصف الاول من هذه السنة.
يذكر أن صافي اقتراض الأردن بالدولار خلال سنة 2015 الماضية بلغ حوالي 1918 مليون دولار ، ومع ذلك لم يرتفع الاحتياطي من الذهب والعملات الأجنبية سوى بمقدار 411 مليون دولار ، بمعنى أنه لولا الاقتراض الخارجي لكان الاحتياطي الأجنبي من الذهب والعملات الأجنبية قد انخفض بمقدار 5ر1 مليار دولار. ويستيطع من يشاء أن يحسب ما يحصل للاحتياطي لولا المنح العربية والأجنبية.
إن اعتماد الاحتياطي على الاقتراض الأجنبي والمنح الخارجية لا يدعو للاطمئنان ، فالاحتياطي الحقيقي هو ما ينشأ عن مصادر مستدامة من فعاليات الاقتصاد الأردني ، وخاصة تصدير واستيراد السلع والخدمات ، وإلى حد أقل حوالات المغتربين وتدفقات الاستثمار الخارجي التي تعمل بالاتجاهين.
لا يجوز أن يظل احتياطي البنك المركزي يقاس بعدد الأشهر من المستوردات ، فهذا المقياس ينطبق على البلدان ذات الموازين التجارية المتوازنة ، أي في حالة تغطية كلفة المستوردات أو الجزء الاكبر منها من حصيلة الصادرات الوطنية. أما في حالتنا حيث تبلغ المستوردات ثلاثة أضعاف الصادرات ، فإن عدد الأشهر المطلوب تغطيتها يجب أن ترتفع إلى ثلاثة أمثال معدل الأمان العالمي ، أي تسعة أشهر على الأقل.
احتياطي البنك المركزي الأردني لا ُيغذى من حصيلة صادرات السلع والخدمات كما هو الحال في معظم بلدان العالم ، بل من مصادر أخرى بعضها شديد الحساسية ولا يعتمد عليها ، مثل المنح الخارجية والقروض الاجنبية وحوالات المغتربين ، وتدفقات الاستثمارات الواردة. وهي جميعاً معرضة للتقلبات ، وتستوجب وجود احتياطي أكبر من المعتاد لامتصاص الهزات والوقاية من المفاجآت.
الراي