شـركات تقسيط أم نهب وحـرمنة؟
فارس الحباشنة
07-09-2016 10:36 AM
كأن الاردنيين من موظفي عموم اجهزة الدولة لا يكفيهم ما يعانون من حرمان وعيش قاس، الا أن يبقوا مطاردين قضائيا لحساب شركات تسهيلات مالية وتجارية. هي حقيقة ما يواجه مئات الاف الاردنيين لمجرد أنهم خدعوا بشراء جهاز موبايل ثمنه لا يزيد عن مئة دينار، ويباع بالاقساط باسعار جنونية وفاحشة.
الاف من موظفي اجهزة الدولة فقدوا وظائفهم جراء الملاحقات القضائية، شركات التقسيط والتسهيلات والتمويل التجاري تنصب كمائن للايقاع بالاف اخرين، عبر توريطهم في عمليات بيع يشوبها « الحرام « اولا، والتعسف والمغالاة في فرض فوائد تراكمية جنونية ثانيا.
ثمن موبايل او شاشة تلفزيون يتحول الى قرض ضخم في غضون بضع سنين، فهل يحق لشركات تقسيط وتسهيلات ان تبيع بالتقسيط موبايلا ثمنه مئة دينار بالف وخمسئمة دينار على سبيل المثال لا الحصر ؟ هل يسمح لمواطن اردني تورط بشراء موبايل أن يخرب بيته جراء ذلك ؟ وان يترك العنان لشركات لا تعرف الرحمة بان تضاعف الفوائد بشكل جنوني ؟ ماذا تقول الدولة بهذا الشأن ؟ وماذا يقول القانون ؟ والاضرار الناجمة عن ذلك تطارد الاف الاردنيين البسطاء والابرياء والضعفاء ممن وقعوا ضحايا لعمليات اشبه بالنصب والاحتيال وعلى مرأى ومسمع الجميع، فهل من مخرج لتفادي تداعيات هذه الجريمة الوطنية والاقتصادية والاجتماعية ؟ ما تسمعه من حكايات عن شركات التقسيط والتمويل تثير في النفس غصة، ان ضحاياها من موظفي اجهزة الدولة. أحدهم اشترى قبل 10 اعوام موبايلا وما زال يدفع ثمنه حتى اليوم، وقد شارفت خدمته في الوظيفة على الانتهاء، يقول إنه كلما تأخر اسبوعا عن «سداد الكمبالية» الشهرية يتفاجأ بفرض فوائد مضاعفة توازي قيمة القسط المستحق.
ما تطبقه شركات الاقساط والتمويل هو حرق للارزاق، ومن ابشع صور الربا حرفيا بجشاعته وسواداويته، وما يزيد في النفس حرقة أن هناك سجونا باتت تكتظ بضحايا شركات التقسيط، ولا تجد من يحاول وقف هذه المهزلة الفضائحية التي لا تنفك توقِع
الاف الاردنيين في فخاخها يوميا.
من يشتري موبايل أو شاشة تلفزيون لا يعرف أنه سيذهب ضحية لجشع شركات التقسيط، ومن دون ادنى معرفة بالقانون، ولكن حتما فانه لا يتحمل المسؤولية وحده عندما يترك المجال العام مفرطا أمام «طبقة من رجال البزنس « تتوسد عيونها على جيوب الفقراء وذوي الدخل المحدود من موظفي اجهزة الدولة.
المسألة كبيرة، وفوق ما نتصور، والتداعي الاخطر أنها خربان للبيوت، وتفكيك للعوائل والاسر، وأنها تخلف دمارا وخرابا اجتماعيين، ولربما أنها تغادر كل تلك المربعات، ويمكن تصنفيها في مربع الامن الوطني والسلم الاجتماعي دون مغالاة ومزايدة في قياس خطورتها على الوضع العام في البلاد.
هناك مصير قاتم يواجه الاف الاسر التي دخل أربابها السجون، والحبل على الجرار، إذ إن الافا اخرين ينتظرون المصير ذاته، لعجزهم عن سداد ثمن موبايل او شاشة تلفزيون تورط بشرائها في لحظة عدم دراية وجهل وتعرضه لعمليات تغرير.
ما تسمعه من حكايات المتورطين اشبه بالندب والصراخ والعويل، وهم مهددون بارزاقهم ولقمة عيشهم وحريتهم وكرامتهم، ولا يملكون شيئا ليفعلوه، وما بايديهم حيلة او وسيلة ليفعلوها اصلا، غير انتظار قدرهم الحتمي بالمطاردة القضائية والعبور الى السجون وخسارة وظائفهم.
يجب أن تقال كلمة فصل وحسم في هذه المسألة، وهي ليست بمعزل عن جرائم وفضائح اخرى هزت الامن الاقتصادي والاجتماعي كالبورصات الوهمية وقضايا « التعزيم « البيع الوهمي، والتي حملت أثاما كبيرة على الاف الاردنيين الابرياء.
ومن جانب مواز، فانه من باب المسؤولية للاخوة وابناء العمومة والاقارب من موظفي عموم اجهزة الدولة، نطرح هذه المسألة، لعلها تجد آذانا صاغية تستمع لها بمسؤولية وعناية؛ حتى لا تتسع مساحات اذلال المزيد من الاردنيين.
الدستور