أنسنة الجمادات .. وأيام فاتت .. !
عودة عودة
04-09-2016 09:07 AM
زميلنا وأستاذنا حسني عايش رافقته ذات صباح في مصعد جريدة" الرأي" متوجهين إلى الأستاذ نادر الحوراني المدير العام في الطابق الثالث انذاك ، وعندما وصلنا وقُفل المصعد خلفنا أدار الأستاذ عايش وجهه إلى بابه قائلاً له: شكراً لك، شكراً لك، واستغربت ذلك فقال لي: ألا يستحق من يحملك على ظهره وخلال ثوان يوصلك إلى الطابق الثالث أو العشرين أو الثلاثين، تقديم الشكر والامتنان له.
وقبل أكثر من عشر سنوات جمعتني الصدفة مع الدكتورة ميسون عويس، رئيسة قسم ترخيص الأطباء في وزارة الصحة حيث دار حديث بيننا في مكتب مدير العلاقات العامة آنذاك الأستاذ طارق نعيم أبديت فيها إعجابي الكبير بسيارتها الفولكسفاجن البيضاء النظيفة على الدوام ورجوتها أن أجري لقاءً صحفياً لتحدثني عن سيارتها المميزة والرائعة لنشرها في زاوية شواهد، التي كنت أكتبها في" الرأي" كل يوم جمعة وفي رأس الصفحة الثالثة، فقالت: هل تعلم أن موظفي الوزارة وبالتحديد في قسمي يعرفون من صوتها المتميز أنني وصلت أو غادرت الوزارة؟ أما بشأن طلبك فأنا موافقة وبشرط إذا وافقت السيارة ودعني اسألها ثم غرقنا في ضحكة صافية ومعبرة...
وكلما أمر أمام احد البنوك (...) انحني احتراما لمبناه، فقد انقذني هذا البنك من ورطات مالية عديدة حيث كان راتبي الشهري يصل إليه، فقد كان له الفضل الكبير في اعطائي قروضا عاجلة كثيرة منها قرض لاتمام زواجي وقرض آخر لمواصلة دراستي الجامعية وقرض لبناء منزل لي والتخلص من دفع الإيجار لمنزل مستأجر وقروض أخرى لتزويج أولادي وبناتي وقرض لشراء سيارة وقروض أخرى لا أول لها ولا آخر!
وفي طريقي إلى مدينة العقبة، في نهايات القرن الماضي لزيارة اخي الموظف هناك، شاهدت كهلاً وزوجته يقفان إلى جانب سيارتهما الخربة، وعندما اقتربت بسيارتي وقبل أن أهم بمساعدتهما كان الكهل يخاطب سيارته الهرمة قائلا: ماذا دهاك، لقد كنت تسابقين الريح كطائرة، وعندما عجزت واياه في أن تدب الحياة فيها قام بركل عجلاتها بقوة وهو يسبها بأقذع السباب..!
وفي العام 1978 من القرن الماضي زرت ومعي والدتي (يرحمها الله) وزوجتي وأولادي قريتي السليبة والمدمرة الولجة وعلى بعد أربعة كيلو مترات وغربي القدس بفلسطين وكنا صائمين في رمضان، وأذكر أن والدتي أصرت على أن تشرب من عين القرية عين الحنية، وفوق ذلك قامت بالاستحمام فيها وكما كانت صبية وطفلة، ثم توجهت إلى إحدى الشجرات الكبيرة لثمار التين، التي كان يملكها رجل طالما يمنع الأطفال من قطف ثمارها عنوة أو طواعية ومنهم أمي، وقد خاطبت روح الرجل الذي شبع موتا: شئت أم أبيت يا عم يونس سآكل من شجرتك المحبوبة والمفضلة اليك..
وفي الذكرى الستين للنكبة الفلسطينية شاهدت في فضائية الجزيرة عجوزا فلسطينية الحاجة كوكب وهي تتفقد قريتها السليبة أم الزينات في جبل الجليل بفلسطين، كانت تدور في ساحة دارها الدارسة وحول بئر الدار وهي تقول بصوتها الرقيق المتهدج: يا بير ما أحلى مياتك، يا بير ما أحلى مياتك، ثم تغرق في نحيب لا ينتهي..!؟
Odeha_odeha@yahoo.com