أســاطــيــر الإخـــــوان .. !!
حسين الرواشدة
04-09-2016 01:09 AM
هذه ليست صورة “الاخوان المسلمين” التي اعرفها، ولا هذا هو خطابهم الذي جمع الناس حولهم، ولا ما نسعمه يعبر عن مبادئهم التي التزموا بها فيما مضى.
هل تغيروا فعلا ام أننا لم نكتشفهم حتى “ركبوا” الانتخابات للخروج من محنتهم فانكشفت اوراقهم، وتحطمت اساطيرهم “اسف لاستخدام الكلمة” بأيديهم؟
لا اكتب عن الاخوان بدافع الشماتة ولا الشفقة، وانما بدافع الحرص على حركة تنتسب الى الاسلام، وعلى مشروع بناه الاردنيون بتعبهم وعرقهم، ذلك انني لم اكن اتصور ان اكبر “تنظيم” سياسي في بلدنا يمكن ان يصل الى هذه “الخفة” في التعاطي مع شأن عام كالانتخابات، ثم يتنازل عن اهم مبادئه ومواقفه لمجرد تقديم اوراق اعتماده للدولة او للمجتمع، مع انه يدرك تماماً ان مداخله اغلقت تماما، وان باب “الشرعية” له مفتاحان: واحد هو “الترخيص” بموجب القانون، وهذا الذي لم تحسم الجماعة خيارها باعتماده حتى الان، والاخر هو مفتاح “الثقة” بالناس واحترام عقولهم وعدم التذاكي عليهم.
ثلاثة اساطير حطمها الاخوان حتى الان على “عتبة” الانتخابات البرلمانية، اولها اسطورة التصدي للقمع والاستبداد، والمطالبة بالاصلاح ورفض الظلم والطغيان، هذه العناواين هي التي حملها الاخوان في الشارع منذ ان انطلق الربيع العربي، ومن خلالها اعلنوا وقوفهم مع الشعوب ضد انظمتها السياسية، سواءً في مصر او في سوريا او اليمن او ليبيا، لكنهم فجأة اختاروا أحد الذين انحازوا للانظمة المستبدة وباركوا قمعها لشعبها، فأدرجوه في “قوائم” التحالف كمرشح للانتخابات في اهم الدوائر الانتخابية، والسؤال: كيف يمكن “للاخوان” ان يقنعونا ان مبادئهم التي كنا نعرفها سمحت لهم - هكذا فجأة - بالتحالف مع اشخاص ناصبوا الشعوب المظلومة العداء، وحرضوا جلاديهم على قتلهم الاّ اذا كانت تلك المبادىء مجرد “اسطورة” سقطت عند اول امتحان، ثم كيف نصدق انهم جادون بالتحالف مع هؤلاء فيما رفضوا التحالف والتفاهم مع اخوانهم واقرب الناس اليهم؟
منذ التسعينيات رفع الاخوان شعار “مواجهة” التطبيع، ورفضوا معاهدة “وادي عربة” واعتبروا ان سفينتها “هالكة” كما قال زكي بني رشيد في خطاب المعايدة (2012)، لكن فجأة يبدو ان الاخوان اكتشفوا ان تلك مجرد “اسطورة” انتهت صلاحيتها، فاستضافوا في مهرجانهم الاخير احد ابرز “مهندسي” وادي عربة ليكون خطيباً في الجماهير، المشكلة ليست في الرجل الذي نحترمه، وانما في “انقلاب” الاخوان على شعاراتهم التي باعوها للجماهير حين كانوا “يشيطنون” كل شخص ركب في حافلة المعاهدة، لكن حين اكتشفوا انهم بحاجة الى الدخول من بوابة “الانتخابات” الى البرلمان فانهم لم يترددواعن تحطيم اسطورة “التطبيع” التي حملتهم لقلوب المتعاطفين، والاحتفاء بمن شارك في التفاوض على المعاهدة ايضاً.
“خفة” الاخوان في التعاطي مع الانتخابات ومع الجمهور ايضاً لم تقتصر على “اساطير” السياسة وانما امتدت الى الدعوة واخلاقياتها، فقد كانوا –منذ عرفناهم- دعاة احتشام، يرفضون ان تخرج المرأة سافرة بلا حجاب، حتى لو كانت في اوروبا التي تتحفظ قوانين بعض دولها على حجاب المرأة، لكن فجأة يتحول الاخوان الى “ليبراليين” ويصبحون من دعاة تحرير المرأة من حجابها، هذا بالضبط ما ظهر في احد “الافلام” الترويجية لقوائمهم، حيث تبدو صورة الفتاة التي اختاروها “سافرة” فيما كانت احدى المرشحات التي تضمنها الفيديو محجبة، كيف يمكن ان نفهم هذا التناقض في مسألة “دينية” الاّ اذا كانت السياسة لا علاقة بها بالدين، او الاّ اذا كان الاخوان جاهزين لكي يتنازلوا عن اي شيء من اجل الوصول الى البرلمان.
كيف تجرأ الاخوان على “تكسير” هذا المبادىء دفعة واحدة، لدرجة ان احدنا اصبح يتصور ان تلك المبادىء كانت مجرد “اساطير” سياسية ودينية يمكن ان يأتي يوم فتتحطم على يد من حملها للناس؟ ليس لدي اجابة واضحة، لكن لدي ملاحظة اخيرة وهي ان الخطاب الذي القاه بني ارشيد في عبدون تحت عنوان (الخراب) كشف هو الاخر وجه “ الخفة” التي اشرنا اليها سلفاً في تعامل الاخوان مع الانتخابات ومع المجتمع، ووجه “النزق” الذي افرزته هذه الخفة، وهما وجهان لا علاقة لهما “بالجماعة” التي كنا نعرفها، ولا بالاخوان الذين انحازت لهم الصناديق فيما مضى من مواسم.