في أهل الزمان وفساد المهن!
عائشة سلطان
03-09-2016 02:59 AM
هناك اعتقاد راسخ أو ربما شائع بيننا حول علاقة الإنسان بمهنته، خلاصته أن أهل المهن بالعموم لهم من سمات وطبيعة وظائفهم حظ ونصيب، هكذا يفترض الناس لسبب أو لآخر، فهذا ما تقوله الكتب والروايات والأفلام وقصائد الشعر والحكايات المتداولة، والناس تؤمن بما تربت عليه عادة.
بمعنى أن طبيعة صاحب المهنة لابد أن تتسق مع طبيعة مهنته، فمهنة التمريض أصحابها ملائكة رحمة، على اعتبار ما ينبغي أن يكونوا عليه من نزوع للمساعدة، وتخفيف الألم والسهر على المرضى والجرحى وغير ذلك، والحال نفسه ينطبق على الصحفي الذي يفترض أن يكون عيناً على الحقيقة وعيناً على الأخلاق، وكذلك المعلم والمهندس، وغيرهم.
لكن هل هذه هي الحقيقة؟ إن الاستثناءات الأخلاقية موجودة في كل زمان ومكان عبر تاريخ الإنسانية كلها، هذا أمر لا جدال فيه، لكننا هنا لا نتحدث عن الاستثناءات بل عن السائد، فحين يتحول الإعلام إلى مجرد ضجيج وتفاهات، ويقل الجيد ويسود السيئ ويهجر الناس وسائل إعلامهم إلى إعلام غيرهم أو إلى وسائل أخرى للتعبير والفرجة والاستفادة، فإن الخلل لا يكون في الجمهور، ولكن في أصحاب المهنة الذين فسدوا وأفسدوا مهنتهم وما عادوا في مستوى الرسالة المطلوبة أو الجمهور الذي يخاطبونه!
وحين يبحث الناس عن العلاج ويقعون ضحايا أطباء لا يمتلكون أخلاقيات المهنة، فضلاً عن أبجديات البراعة والاحترافية، وحين يصبح الطبيب المتميز نادراً والطبيب التاجر سائداً، وحين يبحث الناس عن التداوي في بلدان بعيدة، يصبح قسم أبو قراط الذي يقسم به كل طبيب كميثاق شرف قبل تولي مهمته مجرد لوحة معلقة على حائط كثير من العيادات!
بالتأكيد فإن للمهنة شروطاً على ممتهنها، منها أن يتكيف معها وأن يلتزم بها بشكل صارم إذا أراد أن ينتسب لها ويطورها ويتطور معها، وبلا شك فإن مجتمعات القانون والرقابة الصارمة تلعب دورها في تعديل المسارات وضبط النفوس الضعيفة، حتى لا تتحول المهن إلى مجرد بحيرة راكدة، تلمع تحت أشعة الشمس لكن لا فائدة حقيقية لها!
البيان.