ونحن على أبواب الاستحقاق الانتخابي التشريعي الثامن عشر لا بد لنا من التوقف وقراءة المشهد السياسي المحلي وانعكاساته على النسيج الاجتماعي الأردني بدون مجاملات.ز
كما يجدر بنا أن نقف على المخاطر التي تتهدد الكيان كله شعبا ونظاما، والشعوب الحية هي تلك التي لا تعيش حالة إنكار دائمة ولا تتباهى بالجهل أو التجاهل لأن ذلك يورد موارد التهلكة، وليس معيبا أن نعيد قراءة عناوين كانت وربما ما زالت من التابوهات، كموضوع الدور والوظيفة التي لا تريد الدولة أن يتلفظ أحد به وكأنه يعتبر شتيمة بينما في الحقيقة لم يكن إلا قدرا محتوما لا يقدر احد على رده ولم يشأ الله أن يرده، وموضوع الأمن والأمان، وموضوع الولاء والانتماء، وهي عناوين استخدمها أباطرة المال والبزنس الذين سيطروا على مفاصل الدولة الأردنية في العقود الثلاثة الأخيرة وشكلوا لوبي ربما يضاهي في قوته بالأردن قوة اللوبي الصهيوني في أمريكا.
هذا اللوبي هو المتحكم بكل تفاصيل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية في الأردن، وفي مجالس قوى الشد العكسي التي يرأسها مسؤولون سابقون ممتلئون حتى الثمالة بالمال سنجد هناك إعلاميين ورجال مال وأعمال وصبيانا يقومون بالعمل الشاق Donkey work على غرار عائلات نابولي وباليرمو في ايطاليا، وهذه المجالس أو الدارات تشكل في مجموعها المحفل الذي يعين من يجب تعيينهم مسؤولين في كافة قطاعات الدولة والحكومة وهم بصورة ما الذين يقررون من ينجح ومن يسقط في الاستحقاق الانتخابي، بعض الخبثاء أقسم بالله العظيم ثلاثا وأن زوجته طالق إن كان يكذب بأن أسماء مجلس النواب الثامن عشر قد تم انتخابها وأن النتائج قد حسمت، ولو افترضنا جدلا أن ذلك غير صحيح إلا أن هذا الهمس الذي أصبح ضجيجا يدل على مدى سقوط الرواية الرسمية، أي رواية لدى الرأي العام الأردني وباتت الانتخابات مسخرة وما على من يشكك في ذلك إلا أن يرصد أحاديث الناس والرسائل المتبادلة على مواقع التواصل الاجتماعي والكاريكاتيرات في الصحافة.
إن روح الاستعلاء التي يتعامل بها المسؤولون مع المواطن الأردني والقرارات التي لا يمكن لأي مجلس نواب أن يعارضها أو حتى يعدلها، وموجات الغلاء ورفع الأسعار التي تتبارى الحكومات فيما بينها والرؤساء فيما بينهم من يرفع أكثر جعلت المواطن الأردني محبطا لا مباليا لا بالانتخابات ولا بغيرها، ورغم أن كثيرا من أركان الدولة العميقة ينظرون إلى ذلك على أنه انتصار يتحقق على الشعب ويكسر رؤوس المعارضين وغير المؤيدين لكل قرارات السرايا، إلا أن الحقيقة المرة أن حالة الاحتقان قد وصلت إلى ذروتها والذين لا يسمعون صفير صمام الأمان الموجود على " طنجرة " الشعب الأردني إما أن يكون بهم صمم أو بكم، فالناس لم يعودوا ينتظرون شيئا، والدولة لم يعد لديها وعود تلهي الشعب بها، وخطابات المرشحين للمجلس النيابي باهتة خالية من أي إثارة أو معنى أو أمل .
إن حركة التاريخ ونواميس الكون لا تعرف " الأردن غير" أو إحنا " مش زى غيرنا " العاقل من اتعظ بغيره وغيرنا الذين يمكن أن نتعظ بهم كثيرون ولهيب حرائقهم يكاد أن يطالنا بل طالنا واكتوينا ببعضه ولكن الله سلم .
إن النهوض بالوطن والأمة يحتاج إلى حكومة لا تتسابق مع التي قبلها في رفع رسوم تسجيل السيارات ورفع الماء والكهرباء، بل يحتاج إلى حكومة " ولو لمرة واحدة " واحدة فقط، حكومة وطنية يكون أهم نقطة في السيرة الذاتية للوزراء والرئيس أنهم يصلون الفجر ويخافون الله ولا يسرقون ولا يثرى أبناؤهم وزوجاتهم نتيجة توزيرهم وترئيسهم، ولا يستكبرون.
الانتخابات باهتة جدا، وليت الذين يزورون يزورون هذه المرة ونحن لا نتهم " فقد أقر مسؤول أمني سابق أنه زور الانتخابات"، ليتهم يزورون لأن العالم سيضحك ملء شدقيه على إقبال بنسبة عشرين بالمائة، ارفعوها إلى خمسين على الأقل حفظا لماء وجوهنا، أما الحركة الإسلامية المشاركة في هذه الانتخابات فلا نقول لهم إلا حسبنا الله ونعم الوكيل وعظم الله أجر المسلمين بالحركة الإسلامية التي يبدو أنها وصلت إلى منتهاها.