بالنسبة للبنوك، ستكون اتجاهات إقراض الأفراد مقيدة بمزيد من الضمانات، على الأقل في المدى المنظور، والأثر السلبي سيكون من نصيب سوق العقار وقطاع التجزئة.
هذه التحذيرات إلتقطتها البنوك منذ وقت وجاءتها على شكل إرشادات صادرة عن البنك المركزي الذي يراقب المشهد ويلتقط المخاطر قبل أن يفصح صراحة عنها للعموم عبر تقرير الاستقرار المالي لعام 2015 الصادر حديثا.
كان لا بد من الديباجة التي حملت تطمينات تبعث على التفاؤل لكن الدسم كان في أسطر قصيرة لكنها الأهم بالنسبة لإقتصاد ذي طبيعة استهلاكية تقوم على الأفراد وعلى تجارة التجزئة بشكل أساسي.
الديباجة المطلقة تقول، إن النظام المالي العالمي شهد في نهاية عام 2015 زيادة للمخاطر التي تهدد استقراره، رافقها تراجع للثقة وتزايد في الاضطرابات التي تواجهها الأسواق المالية العالمية لكن بالرغم من ذلك واصل الإقتصاد الأردني أداءه الإيجابي بفضل التدابير والسياسات المالية والنقدية والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي والنقدي قبل أن يعود التقرير في إلتفافة واضحة رصدت حركة التسهيلات والمخاطر المحيطة بها وهي تتركز تحديدا في بند تسهيلات الأفراد..
الجيد أن نسبة الديون غير العاملة إلى إجمالي الديون تراجعت في عام 2015 لتصل إلى 9ر4 % مقابل 6ر5 % و8ر6 % و7ر7 % للأعوام 2014 و2013 و2012 على التوالي، ونسبة تغطية المخصصات للديون غير العاملة حوالي 75 %، لكن نسب مديونية الأفراد إلى دخلهم وإلى صافي ثروتهم كانت في ارتفاع مستمر خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث بلغت هاتان النسبتان في عام 2015 حوالي 69 و60 % على التوالي مقارنة مع حوالي 54 و38 % لعام 2010، وهو ارتفاع ملحوظ في مخاطر إقراض هذا القطاع نتيجة ارتفاع حجم مديونية الأفراد بشكل يفوق النمو في دخلهم وصافي ثروتهم، ما يستدعي من البنوك التنبه لمخاطر اقراض هذا القطاع ودراسة التوسع فيه بشكل يأخذ بعين الاعتبار تطور هذه المخاطر.
التحذير الثاني كان من نصيب العقار فعلى الرغم من ارتفاع الحد الأعلى الممكن تمويله كنسبة من قيمة العقار وفقا لسياسات البنوك الائتمانية، الا أنه على أرض الواقع فإن البنوك تقوم بتمويل نسبة أقل علماً بأن انخفاض هذه النسبة يزيد من قدرة البنوك على استرداد أموالها في حال تعثر المقترضين عن السداد لكن في مواجهة ارتفاع نسبة مديونية الأفراد إلى دخلهم فإن البنوك بحاجة إلى التأني ودراسة تطور هذه المخاطر بشكل أكبر عند التوسع في إقراض قطاع الأفراد والقطاع العقاري بشكل عام.
تراجع نسبة طلبات الائتمان المرفوضة من قبل البنوك إلى 15 % في عام 2015 من 8ر15 % في عام 2014 بعد أن كانت 8ر26 % في عام 2012، كان من نصيب الشركات وخصوصا الكبرى منها فالبنوك التي توسعت في إقراض الافراد لتغطية تراجع إقراض الشركات التي تأثرت خلال تلك الفترة بالظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بها المملكة في عام 2012 ستعود لتعكس الدورة.
تحذيرات البنك المركزي تأتي بعد توسع كبير في حركة بناء الشقق السكنية خلال سنوات المقارنة في مواجهة تباطؤ نسبي في الطلب وفي ظل تراجع حاد في تجارة السيارات ومصادر تمويل القطاعين الرئيسي هي البنوك.
الراي