عندما كتب (نيتشه) كتابه الشهير (هكذا تكلم زرادشت) ازداد شططا في الفلسفة ليخرج بمقولة تنادي بالبقاء للأقوى... فتسبب للبشرية المسكينة من جراء تطبيق مقولته في عشرات الكوارث والحروب. حاول (داروين) في كتابه (أصل الأنواع) التلطيف بعض الشيء فابتدع مقولة (البقاء للأصلح)، وهي المقولة الأقرب إلى ما يعتمل في وجدانات الناس وعقولهم عما يجب أن تتمخض عنه الأشياء.
وحتى بدون أن ندرس ونحلل التاريخ الاجتماعي، كما فعل (نيتشه) وبدون أن ندرس ونحلل التاريخ الطبيعي، كما فعل (دارون) أصبح الواحد منا، ونحن نكتوي بالعيش في زمن رخو المظاهر عصي الظواهر، اختلط فيه الجد بالهزل، وتلاشت الكثير من القيم النبيلة والمعاني الجميلة من قاموس الواقع المعاش.... واختل الميزان كثيراً .. ربما لعدم جدية محاسبة الفاسدين!!... والكل أضحى في عجلة من أمره يستعجل الثراء السريع، المنصب العام كان تكليفاً يستشعر شاغله مسؤولية ينوء بها كاهله. فصار بين عشية وضحاها مطية للتكسب بالفهلوة وقلة الحياء.
معاناة تفكيرنا ربما تزول اذا حاولنا إضافة البعد الثالث لمقولة البقاء من شواهد ظاهرة الزمن الجديد. نتجاوز تحليلات (نيتشه) عن التاريخ الاجتماعي ونقفز على تحليلات (داروين) في التاريخ الطبيعي. ولأن الحياة كتاب مفتوح ولأن الدنيا كرة دوارة... فنحن بحاجة الى بعد ثالث... فالبقاء اذن لمن !!
Zubi1965@hotmail.com