تحديات العام الدراسي الجديد
فيصل تايه
30-08-2016 10:21 AM
مع مطلع العام الدراسي الجديد نتطلع فيه إلى تجاوز كل الصعاب وتذليل كافة العقبات التي قد تعترض بداية موفقة وناجحة لعام دراسي مفعم بالحيوية والعمل ، حيث نتمنى التوفيق لكل القائمين على العملية التعليمية رغم جسامة التحديات والمسؤوليات التي تواجهها وزارتنا العتيدة – وزارة التربية والتعليم – في توفير كافة الاحتياجات اللازمة لبدء العام الدراسي ، آملين ان تتضافر جهود جميع الفاعلين التربويين بتعاون فرسان الميدان التربوي اللذين يتحملون جلّ المسؤولية والأمانة .
إننا نعي تماما أن أصعب التحديات وأعظمها يكمن في الأعداد المتزايدة من الطلبة وتناميها بصورة مطردة والتي ستستوعبها رغماً المدارس الحكومية ، حيث فاقت كل التصورات بسبب النزوح القصري من دول الجوار المنكوبة ما تطلب توفير إمكانات استثنائية لاستيعابهم وتوفير احتياجاتهم من بنى تحتيه وكتب ومستلزمات وكوادر تعليمية وإداريه وكل ما تتطلبه العملية التعليمية التعلمية في هذا القبيل ، إضافة إلى ظاهرة الانتقال الجماعي للطلبة من المدارس الخاصة إلى المدارس الحكومية ومن مختلف الصفوف الدراسية لأسباب اقتصادية وتربويه وتعليمية ما يشكل ضغوطا كبيرة على مدارس وزارة التربية والتعليم وبما ينعكس على نوعية التعليم ومخرجاته ، بالرغم من حرص الوزارة المستمر ووفق خطة التطوير التربوي على أن الطالب والمعلم هما أهم عناصر العملية التعليمية ومحور العمل ، والتركيز على النوعية لا الكمية في المخرج التعليمي .
إن مجمل تلك التحديات القائمة تتطلب قيادات تربوية قادرة على التماس حاجات الميدان التربوي بدرجة عالية من الكفاءة وبقدر كبير من المسؤولية ، لتقوم بواجبها المؤمل بقدرة تامة على قيادة العملية التربوية في المرحلة المقبلة ، قيادات فاعلة تسيطر على مختلف جوانب العمل وتعالج مجمل الإرهاصات الكامنة في الميدان والذي يحتاج إلى درجة عالية من التواصل ، وكذلك العمل على إرساء السياسات الإجرائية الضرورية القادرة على استخدام السلطة الرسمية من خلال المهارات القيادية الفعالة والقدرة على التأثير في إطار من العمل الجماعي ، إضافة إلى إمكانية اتخاذ قراراتها بكل جرأة وموضوعية مع الحفاظ على الثوابت التربوية والوطنية كجزء من المهمة التربوية الشاملة وبإشراف جهاز رقابي قوي وفاعل ما يمكن من تحقيق مكاسب وعائدات تحسن من العمل التربوي والتعليمي ...
ما نحتاجه اليوم بالفعل ، الخروج من النمطية التقليدية المتبعة ، ذلك جزء من المهمة التربوية والوطنية ، مع وضع أسس للمرجعيات التعليمية المتطورة التي يحتاجها واقعنا التربوي الحالي ، والتذكير بالعوامل التي من شأنها التأثير الايجابي على صياغة القرارات والسياسات التربوية المرتبطة بمجمل التحديات التي سبق وأشرت إليها ، إضافة لتأثير العولمة وتعزيز مفهوم الاقتصاد المعرفي للسعي إلى النهوض المتطور كي نحقق الأهداف التي نسعى من أجلها في سياسة التغيير المنشود التي تسعي جميعا لتحقيقها كجزء من المهمة الوطنية الشاملة وكما أرادها سيد البلاد .
دعونا نؤكد وقوفنا عند أركان العملية التربوية مع بداية العام الدراسي الجديد ، ومحاولة جادة من الجميع نحو ضرورة التأكيد على دور المدرسة في تنشئة الجيل القادر على تحمل مسؤولياته ، فالمدرسة اليوم فضاء واسع للتعليم وليست منعزلة عن المجتمع ، بل ما نتمناه أن تكون مدرسة للتعلم ومرتعاً للأمان ، يشعر فيها المتعلم بالدفء والحميمة وشاعرية الانتماء ، كما ونؤكد على ضرورة أن تجسد مدارسنا روح المواطنة والإبداع والمشاركة والتنشيط والتفاعل الإيجابي البناء بين كل المعنيين في الحياة المدرسية من خلال هيئات إدارية وتدريسية نشيطة ، في مجتمع مدرسي نشيط وفاعل ، حتى يشارك الجميع في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها ، مع التركيز على المساهمات الحقيقية التي تعمل على تنمية القدرات الذهنية والجوانب الوجدانية والحركية لدى طلبتنا ، ليكونوا مواطنين فيهم الصلاح لوطنهم وأمتهم ، مبدعين ومبتكرين وخلاقين يهتموا بمؤسستهم التربوية ويساهموا في تغيير محيطهم الاجتماعي بما يخدم مصلحة الأردن العليا.
نريد ما يشبه الميثاق الوطني لكل مدرسة ، ذلك من أجل خلق حياة مدرسية ينعم فيها الفاعلون التربويون بالسعادة والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ، وفي مقدمتهم الطلبة الذين يتربون على نبذ العنف والتطرف والانعزالية ، ويتبنون مبدأ الحوار البناء والمشاركة الفعالة مع باقي المشاركين في تفعيل الحياة المدرسية وتنشيطها في فضاء من المحبة ، وإقصاءٍ للتغريب والتهميش ، كما ونريد جودة في التعليم ، من خلال تطبيق مفهوم إدارة الجودة ، ذلك ما يعني الحديث عن تقديم الخدمة المميزة والأنشطة والبرامج التعليمية باستخدام بعض المقاييس المرجعية التي ترقى إلى أسلوب حديث .
أخيراً دعوني أهنئ الوطن مع بداية العام الدراسي بكل الرجال المخلصين من تكويننا التربوي العتيد بدءاً من أعلى سلطة إلى المعلم في صفه والذين يُجيدون التمسك بجميع الحبال القوية لبلوغ النجاحات المشرفة لتسبقهم في ذلك النية الصادقة والمبيتة لرفعة هذا الوطن الذي نسير على نهجه قولاً وتطبيقه وفعلاً ، فقد جادت هذه الأرض بمسؤولين مخلصين لا تحركهم المصالح والمطامع الشخصية أو الدنيوية وإنما يحركهم ضميرهم الحي الذي لا ينام ولا يقبل حتى بالإغفاءة أو أنصاف الحلول .
أدام الله الجميع وأبقاهم ذخراً وفخراً للوطن وأبنائه وأجياله اللاحقة في ظل قيادتنا الهاشمية الفذه.
وفقنا الله وأبناءنا الطلبة وحمى أردننا العزيز الغالي من أي مكروه.