على طريقة الفيلم الأميركي الشهير « Knowing»حيث تنقذ كائنات فضائية أطفالا إنتقتهم بلا خطايا قبل قليل على نهاية العالم لينتقلوا إلى عالم آخر تبتدئُ فيه الحياة من جديد، ستوطن الولايات المتحدة الأميركية 10 آلاف لاجئ سوري إنتقت منهم بعناية 8300 من الاردن وحده,.
قبلها فعلت بلدان في أوروبا المثل , الأمر بالنسبة للسوريين يبدو رحلة أمل نحو عالم جديد طالما حلم بعضهم به عندما كانت سوريا مستقرة , وهي كذلك رحلة اللاعودة , وبالنسبة لسوريا هي خسارة تتراكم فوق خسارة الحرب والتدمير , بالنسبة للبلدان التي ستوطنهم هم مكسب يتمثل في أيد عاملة ومهنيين وحرفيين وأجيال شابة , والأهم من ذلك كله مستوطنون بصفر مشاكل أمنية .
في حفل وداع الفوج الأول قالت سفيرة الدولة الأعظم أميركا أن الولايات المتحدة رائدة في إعادة التوطين، بإعادة توطين للاجئين أكثر من دول العالم مجتمعة.. وأن «استقبال 10 آلاف لاجئ لم يكن على حساب التدقيق الامني، فالعائلات المسافرة خضعت لتدقيق امني شامل وشديد» .
أستطيع أن أضيف الى التشييك الأمني الشديد , فحصا آخر شمل نوعية هؤلاء المختارين , مهنيا وصحيا فالولايات المتحدة شأنها في ذلك شأن بلدان أوروبا , لا تريد أن ينضم الى مجتمعاتها كسالى أو معوقين صحيا , هم يبحثون عن الإضافة النوعية بشكل خاص , لأن هذه الرحلات ستكون على الأغلب بلا عودة تمهيدا لدمج هذه الطاقات الجديدة في المجتمعات الجديدة .
ستعجب بعض المعلقين هذه الخطوة كما سبق وأن أعجبتهم الروح الأوروبية والتزامها الأخلاقي اليقظ نحو الكارثة الإنسانية في سوريا، وفتح الباب أمام موجات كبيرة من الهجرة , تفوقت بذلك في إنسانيتها على بلاد العرب التي أخفقت في الإختبار الإنساني .
من السذاجة القول بأن أوروبا إلتفتت فجأة الى مأساة اللاجئين السوريين وأن ما سبق من عبء ومآس حلت على سوريا نفسها وعلى دول جوارها الضعيفة , الأردن ولبنان خصوصا , لم يكن كافيا لتتفتق القرائح عن كل هذه القيم الإنسانية المخبأة في التقاليد الأوروبية العريقة لكن ثمة وجها أخر لهذا السيل الإنساني المتدفق في حاجة إقتصادية وديمغرافية لا بأس إن غلفت بعاطفة تتسق ولاتتعارض مع المبادئ الأوروبية المعروفة في حقوق الإنسان .
في المستقبل القريب , سيحصل اللاجئون المنتقون بعناية على حقوق كاملة في الإقامة والعمل , وستستفيد أوروبا والولايات المتحدة من شرائح المتعلمين من أطباء ومهندسين ومهنيين وصناع وغيرهم الذين لن تجد صعوبة في العثور عليهم بين المهاجرين السوريين القادمين من دولة طالما عرفت بإرتفاع مستوى التعليم الأكاديمي والمهني فيها , وستحصل تلك الدول على شرائح نظيفة .
ستخسر سوريا أفضل ما في ثرواتها وهي قواها البشرية التي ستذهب في رحلة اللاعودة لأن وطنهم لن يعود صالحا للحياة في المدى المنظور.
الراي