رغم ان خطأ مطبعيا يمكن له ان يزيل الفارق بين هاتين المفردتين الا ان المسافة بينهما قد تكون الاطول على سطح هذا الكوكب، فأحيانا تختزل بعض الكلمات ما يمكن قوله في مجلدات وأسفار ومنها هاتان الكلمتان، ولعلّ السّجال الذي أثير مؤخرا في فرنسا وملأ الدنيا وشغل الناس حول زي البحر الاسلامي هو المثال الطازج عن اختلاف الثقافات والموروثات بين الشعوب .
لقد كان البكيني عندما ظهر لأول مرة على شطآن اوروبا اشبه باختراع بالغ الاثارة، وكان شأن كثير من الظواهر الاجتماعية نتيجة لتراكم من المتغيرات، وأذكر للمثال فقط ان أحد مظاهر التعبير في ثورة مايو عام 1968 في فرنسا كان احراق المشدات او الكورسيهات لأنها ترمز الى عصر كانت المرأة فيه اشبه الدميّة في قفص كما وصفها المسرحي ابسن وقد تبدو هذه الممارسات في ظاهرها شكلية وعديمة القيمة لكن لها بعدا رمزيا يتجاوزها الى ما هو ابعد وأعمق في التاريخ .
ان تراجع فرنسا عن قرار يتعلق بالبركيني ومنع من يرتدينه من مشاركة الفرنسيين على الشواطىء قد يكون مؤقتا او درءا لأذى محتمل، لكن اختزال الهويات سواء تعلقت بالقوميات او العقائد الى زي معين او غطاء رأس او طقوس قد يبدو مثيرا للسخرية، لأن المكونات الحقيقية للبشر داخلية بامتياز ولا يمكن لما هو ذو صلة بالتقاليد والاعراف ان يعبّر عنها على نحو حقيقي !
وأية ثقافة تدعو الى التعايش عليها ان تتسع للجميع على اختلاف مرجعياتهم، لأن الاحتكار يؤدي الى احتكار والاقصاء ينتهي الى اقصاء مقابل !
ولعلّ الاعتراف بحق الناس جميعا في البحر وشواطئه كما هو حقهم في الشمس والمطر هو ما حذف الفارق بين البكيني والبركيني على شواطىء فرنسا !
الدستور