من الحرامي .. سارق المناديل أم سارق الملايين ؟
رجا طلب
29-08-2016 01:56 AM
بصورة مفاجئة وجدية إلى حد ما ، بدا البرلمان العراقي في فتح ملفات الفساد المالي بعد سنوات طويلة من الحديث عنه دون اتخاذ أية إجراءات صارمة بشأنه ، وخلال اقل من شهر أثيرت قضيتان الاولى قضية الاتهامات التي وجهها وزير الدفاع خالد العبيدي لرئيس البرلمان سليم الجبوري بشان عمولات في صفقات سلاح والتي انتهت باستقالة العبيدي وليس الجبوري ، والثانية اتهامات بالفساد لوزير المالية هوشيار زيباري والتي لم تحسم بعد.
ليس معروفا و لا مفهوما لماذا فُتحت هذه الملفات فجأة وتحديدا الآن ؟ كما لا يًعرف من حركها ويحركها بعد سنوات طويلة من تنامي « مؤسسة الفساد « التي أفقدت هذا البلد وحسب تقديرات عالمية مئات المليارات من الدولارات منذ سقوط النظام السابق في عام 2003.
كما انه ليس مفهوما كيف أن ذات البرلمان مازال عاجزا عن فتح ملفات الفساد الضخمة والكبرى في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي صُنف العراق بسبب سياساته وفساد عهده وتردي الخدمات العامة فيه إلى دولة فاشلة.
من المفارقات المثيرة للسخرية أن فتح هذه الملفات تزامن مع حادثة بسيطة ربما لم يلتفت لها الكثير من أعضاء البرلمان العراقي أو الحكومة أو النخب السياسية ، وهذه الحادثة تتمثل في صدور حكم من محكمة السماوة في محافظة المثني جنوبي العراق على صبي لا يتجاوز عمره 12 عاما بالسجن لمدة عام بتهمة سرقة عدة علب لمناديل ورقية من احد المحال التجارية.
الحادثة أثارت حسب وكالة الأنباء الفرنسية سخطا شعبيا انعكس بصورة خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي حيث ركز محتوى تلك الوسائل على مضامين ساخطة وناقدة للحكم وقسوته بحق طفل قاصر سرق مناديل ورقية ببضعة دنانير في حين أن السياسيين الذين يمسكون مقاليد الحكم سرقوا ويسرقون الملايين والمليارات ولا احد يستطيع محاسبتهم على سرقاتهم تلك لأنهم هم من يحكمون تماما كما يقول المثل الشعبي الدارج في العديد من البلدان العربية « حاميها حراميها «
من شدة هذا السخط الشعبي أصدرت محكمة استئناف المثنى توضيحا أكدت فيه أن الصبي سرق صاحب المتجر أربع مرات، وأن الحكم ابتدائي قابل للطعن لينطبق على التوضيح المثل القائل « عذر أقبح من ذنب «
تختصر هذه الحادثة البسيطة حالة العراق ومدى التدهور الحاصل فيه على مستوى قيم الحكم وغياب شبه تام للرقابة والمساءلة والمحاسبة وتحول الديمقراطية المفترضة فيه إلى إحدى وسائل الهيمنة واستغلال السلطة السياسية والتي سمحت لبعض السياسيين من التحول إلى شخصيات ديكتاتورية حققت ثروات ضخمة للغاية على غرار نوري المالكي الذي تقدر ثروته بخمسين مليار دولار نقدا وأموال غير منقولة تقدر بنصف مليار جمعها خلال عقد من الزمن فيما اغني رجل بالعالم بثروة نظيفة هو بيل غيتس فتقدر ثروته بـ 79 مليار دولار.
غيتس حقق ثروته من خلال شركته الشهيرة مايكروسوفت التي أسسها عام 1975 ، وبمقارنة بسيطة نكتشف كيف نجح الفساد وخلال عشر سنوات من إعطاء المالكي ثروة تقارب ثروة بيل غيتس الذي ادخل العالم عصر الكومبيوتر والبرمجيات عبر جهد خلاق ومثابرة وعمل دوؤب على مدى 41 عاما فيما المالكي ادخل العراق قائمة الدول الفاشلة.
مقارنة محزنة ولكنها ضرورية أليس كذلك ؟؟؟
الراي