مؤاخذات على هيئة الانتخابات
حلمي الأسمر
29-08-2016 01:50 AM
حسب برنامج «راصد» الممول بمنحة أمريكية، لوحظ وجود نوع من الاختلال في أداء الهيئة المستقلة للانتخاب، وهو ما قد يؤثر على سلامة العملية الإنتخابية، ورصد راصد عدة مخالفات للهيئة، ولا نعرف ما إذا كان هناك مخالفات أخرى للهيئة، أم أن ما تم رصده هو كل ما حصل، وفي الحالة الثانية، فيمكن اعتبار ما رصده راصد بمثابة شهادة حسن سلوك للهيئة، إن اقتصر الخلل على ما ذُكر فقط، لأنه «كفى بالمرء فخرا أن تحصى معايبه»!
أول مؤاخذات راصد كانت دعوة الهيئة لأبناء عشائر البادية بمراجعة دائرة الأحوال المدنية لتصويب معلوماتهم بعد اعتماد الجداول النهائية للناخبين وإعلانها، وهو ما يشكل خرقاً للفقرة (أ) من المادة (6) من قانون الانتخاب، والتي تنص على أنه «عند اعتماد المجلس جداول الناخبين المرسلة إليه من الدائرة وفق أحكام المادة (5) من هذا القانون، تعتبر هذه الجداول نهائية للناخبين، ولا يجوز اجراء أي تعديل عليها بأي حال من الأحوال وتجري الانتخابات النيابية بمقتضاها».
ثانيها، إشارة راصد حتى وقت إصدار بيان بهذا الخصوص، إلى أن الهيئة لم تنشر القوائم النهائية للمرشحين على موقعها الالكتروني أو في أي من الصحف المحلية، واكتفت بنشرها بمقار لجان الانتخاب في الدوائر الانتخابية، الأمر المخالف لبنود المادة (14) من التعليمات التنفيذية الخاصة بالترشح، والتي نصت على أن «تقوم الهيئة بعرض القوائم للدائرة الانتخابية التي تم قبول طلباتها على الموقع الالكتروني للهيئة وفي مركز المحافظة ومقر لجنة انتخاب الدائرة الانتخابية» كما نصت على أن «تقوم الهيئة بنشر تلك القوائم في صحيفتين محليتين يوميتين». علماً بأن الفترة القانونية للفصل في طلبات الترشح قد انقضى آخر أيامها بتاريخ 25/8/2016.
ثالثها تلقي فريق راصد العديد من شكاوى الناخبين وطالبي الترشح حول اختلالات في معلوماتهم الانتخابية الواردة من الهيئة المستقلة. فعلى سبيل المثال، تقدمت احدى طالبات الترشح في محافظة معان الى الهيئة المستقلة بطلب بيان تفاصيلها الانتخابية. وكان رد رئيس الهيئة المكتوب بأن السيدة مسجلة في الدائرة الانتخابية لمحافظة معان في مركز اقتراع وفرز مدرسة أم الحكم الأساسية للبنات في الصندوق رقم (45). رغم أن جداول الناخبين النهائية تشير الى أنها مسجلة في الدائرة الانتخابية لبدو الجنوب في مركز اقتراع وفرز مدرسة الحسينية الثانوية الشاملة المختلطة في صندوق رقم (126). الأمر الذي قد يعزى إلى ضعف دقة معلومات الهيئة، أو تغيير طرأ على الجداول النهائية للناخبين بعد عرضها على الجمهور.
ثالث الملاحظات تتعلق بتضارب الأرقام الصادرة عن الهيئة حول أعداد القوائم والأفراد من طالبي الترشح. حيث صرح المتحدث الرسمي باسم الهيئة بانه قد «قرر مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب .. الموافقة على (228) طلب ترشح من أصل (230) قائمة طلبت الترشح على مستوى الدوائر الانتخابية». لتعود الهيئة بعد ذلك بتاريخ 25/8/2016 وتصرح برفض عدد من المرشحين والقوائم التي قد صرح مسبقاً بالموافقة عليها، مما أدى الى إرباك المرشحين وقواعدهم الانتخابية. كما تضاربت تصريحات الهيئة بخصوص أعداد طالبي الترشح، حيث صرحت بنهاية فترة تقديم الطلبات بتلقيها 1293 طلبا للترشح، ونشرت قائمة منقوصة تحتوي معلومات 12 دائرة انتخابية فقط من أصل 23 لتعود وتنشر رسماً يفيد بتلقيها 1292 طلباً فقط.
هذه عينة من المؤاخذات التي رصدها راصد، ولا ندري إن كان ثمة مؤاخذات أخرى، قد تمس بسير العملية الانتخابية ومدى عدالتها ونزاهتها، وهو أمر يمكن أن يبرر بكون الجهد البشري غير كامل، ويعتريه النقصان، غير أن أي تشويش في أداء الهيئة، من النوع الذي يمكن تجاوزه، بقليل من الانتباه، قد يضر بسمعة الانتخابات برمتها، ويفتح الباب على مصراعيه للنيل من سلامتها.
الدستور