منذ نحو ثلاثة اشهر، بدأ منتدى الاستراتيجيات الاردني باصدار مؤشر شهري لثقة المستثمرين باقتصاد المملكة. اهمية هذا المؤشر تكمن باعتباره قيادي الطابع؛ بمعنى انه يسبق الدورة الاقتصادية فيُستخدم للتنبؤ باتجاه حركتها. وهو يكتسب اهمية خاصة اذا ما عرفنا ان اغلب المؤشرات التي تصدر عن مؤسساتنا الرسمية – وغير الرسمية – متأخرة الدلالة (Lagging Indicators) لا قوة تأشيرية لها.

المؤشر الجديد ذكَّرنا بمدى الحاجة لمؤشرات اقتصادية ومالية اضافية تساعد صانع القرار الاقتصادي على تحديد احداثيات الاقتصاد، اي اين يقف اليوم وما هو مكانه على خارطة الدورة الاقتصادية، والتنبؤ باتجاهات سيره المحتملة بدرجة عالية من الثقة.

هنا يجيء الاقتراح بان يقوم البنك المركزي باضافة مؤشر جديد الى قائمة اصداراته الشهرية هو حجم مسحوبات اجهزة الصراف الالي ونقاط البيع، وذلك نظرا لما يتمتع به هذا المؤشر من مزايا متعددة يمكن اجمالها في النقاط التالية:

1) انه يقيس التغير في الانفاق الاستهلاكي والذي يعد المكون الاكبر في الناتج المحلي الاجمالي، فيكون بذلك بمثابة نظام انذار مبكر يستطيع صانع القرار من خلاله التقاط اي اشارات تباطؤ او تسارع في النشاط الاقتصادي من دون الحاجة لانتظار ارقام الناتج المحلي الاجمالي التي تصدر بشكل ربعي فقط وتحتاج الى ثلاثة اشهر حتى يتم احتسابها.

2) سوف يوفر هذا المقياس نقطة اساس (Benchmark) لمحال التجزئة، خصوصا الكبيرة منها مثل كوزمو وكارفور وسامح مول، يمكنها من تفسير اي تغير يحصل في حجم المبيعات لديها. فاذا انخفضت المبيعات لدى احد هذه المحال فان المؤشر المقترح سوف يجيب على التساؤل: هل انخفضت المبيعات بفعل تراجع في المستوى العام للانفاق ام ان السبب هو تاكل في الحصة السوقية للمحل نفسه؟

3) ايضا، فان مسحوبات اجهزة الصراف الالي ونقاط البيع، وشأنها في ذلك شأن باقي مؤشرات الانفاق الاستهلاكي، تعد مؤشرا للثقة، لكن ليس لثقة المستثمرين كما في مؤشر منتدى الاستراتيجيات بل لثقة المستهلكين؛ ذلك ان انفاق المستهلكين اليوم يعكس بالضرورة ثقتهم في المستقبل، لان المستهلك اذا ما شعر بارتفاع المخاطر فانه يميل الى الادخار بدلا من الانفاق تحسبا لاي تراجع في دخله.

المؤشر المقترح سهل الجمع قليل الكلفة لكن فوائده كبيرة. وهو ليس الا واحد من مؤشرات كثيرة يمكن اضافتها الى القائمة، فما المانع من اصدار مؤشر مثل عدد طلبات القروض السكنية لدى البنوك لقياس الطلب على الشقق السكنية؟ خصوصا ان اغلب المؤشرات المتوافرة في هذا المجال مثل رخص البناء والمساحات المبنية، تقيس جانب العرض فقط، والصورة بطبيعة الحال لا تكتمل الا بمؤشرات تقيس الطلب ايضا.