فرنسا تواجه خطر”البوركيني” .. !!
حسين الرواشدة
26-08-2016 12:40 AM
يهيأ اليك وانت تقرأ تصريحات بعض المسؤولين في فرنسا بأن العلمانية تترنح تحت ضربات “البوركيني” الذي تلبسه لنساء المسلمات الراغبات بالسباحة ، الى درجة ان هذه القضية المعقدة (!) دفعت رجال الشرطة على أحد الشواطئ الفرنسية لاجبار امرأة على خلع “البوركيني” أو ما يسمى “لباس السباحة الشرعي” تطبيقا للقانون الجديد الذي يحظر لبسه على شواطئ عدة مدن فرنسية.( رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس اعتبر أن لباس البحر الإسلامي -المعروف بـ”البوركيني”- هو “ترجمة لمشروع سياسي ضد المجتمع مبني خصوصا على استعباد المرأة).
في بداية التسعينيات مثلا اثيرت مسألة الحجاب في فرنسا ، وتمت ملاحقة ومعاقبة كل امرأة ترتدي “الاشارب” في المرافق العامة هناك، وكتب آنذاك أحد الكتاب الفرنسيين ساخرا مما سماه “قضية المناديل” بأن المرأة الفرنسية تبرز اناقتها عندما تضع المنديل على رأسها، ولكن المرأة المسلمة عندما تغطي رأسها بنفس المنديل تصبح خطرا يهدد الحضارة.. والعلمانية ايضا.
بالطبع، لا يوجد في القانون الفرنسي ما يمنع الفتيات من ارتداء الصلبان او نجمة داود او القبعة اليهودية، فرموز” التفاخر” هذه لا تشكل بالنسبة للعلمانية خطرا يستدعي الحظر أو المواجهة، وحده “المنديل” و” البوركيني “ الذي تلبسه الفرنسيات من المسلمات يحتاج الى مثل هذا التطرف والتشدد والمنع، لا لحماية النساء هناك من ضغوطات آبائهن الاصوليين المتهمين بارغامهن على ارتدائه ، كما يدعي المسؤولون الفرنسيون ،وانما لتذويب هوية المسلمين الذين يناهز عددهم الخمسة ملايين وحرمانهم - دفاعا عن حريتهم - من ابسط خصوصياتهم، سواء كان ذلك خوفا من المد الاسلامي الذي بدأ يتوسع داخل المجتمع الفرنسي، او التطرف الذي اصبح ملتصقا بصورة الاسلام وباعناق المسلمين فقط .
وهكذا فإن رفع شعار حماية “البنات والزوجات من “عقد” آبائهن الاصوليين المتطرفين ، ثم اجبارهن على خلع الحجاب ولبس “المايو” بدل اللباس الذي يحافظ على خصوصيتهن وحشمتهن ، وحرمانهن من حرية اختيار ملابسهن، وهو من ابسط حقوقهن (نتذكر أن حرية العري والبغاء متاحة ومشروعة هناك) قد تتبعه اجراءات اخرى - وهذا ما يحدث - تحرم المسلمين من تعلم شريعتهم، بحجة انها تحرض على الارهاب، او من أداء صلواتهم بذريعة تشجيع الاجتماعات غير المشروعة، او اشهار اسلامهم وتسمية ابنائهم بالأسماء العربية.
المشكلة ان كل ذلك يجري في القرن الحادي والعشرين، لا في قرون القروسطية ولا حتى بعد اعلان الثورة الفرنسية التي نصت احدى مواد قانونها المدني على اعتبار الصبيان والمجانين والمرأة قصرا ومحرومين من اعلان تحرير الانسان آنذاك.. والاسوأ ان اعتبار المرأة المسلمة في عداد هؤلاء “القصر” ومنعها من ممارسة حقها الشخصي في ارتداء “المنديل” او”البوركيني” او غيره، لا ينسجم مع شعارات حقوق الانسان التي يرفعها العالم الحر، وفي مقدمته فرنسا، وحسب، وانما يتنافى مع أبسط المصالح الفرنسية التي تشكل الاقلية المسلمة فيها ثاني اكبر اقلية، والتي ترتبط بعلاقات طيبة مع العالم العربي والاسلامي، الامر الذي يضر بهذه المصالح.
هذا، بالطبع، لو كانت فرنسا تقيم وزنا لأي صوت مسلم يخرج منددا بما تفكر به، على افتراض ان ثمة صوتا قد يخرج، تماما كما تراجعت وغيرها حين رفع اليهود صوتهم ضد كل نقد - لا مجرد قانون - يمسهم بدعوى “العداء للسامية”.
هل يمكن للمسلم اليوم ان يرفع شعار “العداء للإسلام” - الاسلاموفوبيا او حتى الاسلامو كوست( حرق مشاعر المسلمين) في وجه كل من يعلن الحرب على رموزنا وعناويننا الاسلامية... وفي مقدمتها هذا المنديل وهذا البوركيني اللذين اصبحا يثيران الرعب في فرنسا الان ؟
الدستور