هناك قدر من «الفجور» الإعلامي لحلفاء القاتل بشار الأسد، لا يمكن وصفه. كل «إنسان» سوي تعاطف مع الطفل السوري الحلبي (عمران) الذي كانت ملامحه وهو مشدوه خارج من بين أنقاض الموت إثر صاروخ روسي، أعمى، إلا قناة العالم الإيرانية وصحيفة الأخبار اللبنانية التابعة للحزب الأصفر، ومن لفّ لفهم.
كيف يمكن لمذيعة، هي أمّ ربما، ومذيع، هو أب ربما، أن لا يتخلى عن انحيازه السياسي والطائفي ربما لبشار، ومن يدعم بشار بنفس شرير، عنيت النظام الخميني، أن يتجرد من المشاعر الإنسانية الأساسية؟
انظروا ماذا قالوا:
*(قناة العالم) الإيرانية الناطقة بالعربية، قالت في تقرير مصوّر عنوانه (كواليس مسرحية الطفل السوري عمران) إن هذا الطفل: «أُريد له أن يحارب وطنه بمسرحية هزلية دون أن يشعر أو يرغب»! وأضافت بوقاحة عجيبة، إن الطفل عمران كان «ضحية تمثيلية» واصفة دموع مذيعة «سي إن إن» الأميركية التي رافقت بث القناة لمأساة عمران بأنها «دموع تماسيح».
* صحيفة الأخبار اللبنانية المروجة لـ«حزب الله» تضع هذا العنوان البئيس عن الطفل عمران الحلبي: «عمران أفلت من وحشية الحرب فقصفه الإعلام الأجنبي».
أما حسابات وصفحات الموالين لبشار الأسد وخامنئي ونصر الله، لأسباب طائفية أو سياسية، فغصّت بعبارات فاجرة عن مأساة الطفل عمران الحلبي، تشكيكا وسخرية.
هذا نوع من «التدعشن» الأخلاقي، وهتك لأرقى المشاعر الإنسانية وأنقاها، وأتذكر بهذا الصدد حملات السخرية والتشكيك التي فاحت بها حسابات لبنانيين وسوريين موالين لـ«حزب الله» ونظام دمشق، حول مجاعة بلدة مضايا التي حاصرها قتلة خامنئي وبشار ونصر الله، بالتجويع، عبر نشر صور لهم وهم يلتهمون المشويات والحلويات!
أفهم أن هناك حملات نفسية إعلامية تصاحب الحروب، ولكن ليس لهذا الدرك.
أعتقد أن قناة كـ«العربية» أو صحيفة كـ«الشرق الأوسط»، مثلا، لو رصدت مأساة إنسانية، كمأساة الطفل عمران، في المعسكر الخصم، طفل من أهالي اللاذقية أو القرداحة، ارتكبت بحقه جريمة استثنائية، لن تخفي الصورة، بل تنشرها ومعها التعليقات المحترمة، فضلا عن أن تحول مأساة إنسانية إلى مادة للسخرية واستخفاف الدم!
في حمأة الصراع الدولي بين القوى العظمى، وسوريا من مسارحه الكبرى، تفقد بعض القيم الأساسية، ويتخلى كثير من الإعلام عما لا يجوز له التخلي عنه، حتى التلفزيون الصيني شكك بصحة فيديو عمران الحلبي!
كل شيء جرد من معناه الإنساني العفوي لصالح المحرقة السياسية والصراع الوحشي بين القوى العظمى في العالم.
الأخلاق أولا، وآخرا، حتى في الحروب.
الشرق الأوسط