«نحن» وليس «أنا» !رشاد ابو داود
24-08-2016 11:32 AM
الحياة ومضة طويلة .لا تاتي الى الدنيا بارادتك ، ولا ترحل عنها بارادتك .لكن بارادتك ان تسير في طريق الخير او في طريق الشر . ان تميز بين يد تمتد اليك لتنجيك وبين يد تمتد اليك لتغرقك .وما اكثر الايادي الملتبسة الوانها ،تراها بيضاء كيد ملاك فاذ قلبها اسود ، تغشك نعومتها فاذْ هي حية تسعى لتلدغك. يحكى ان احد علماء الانثروبولوجيا قام بعرض لعبة على اطفال احدى القبائل الافريقية البدائية ووضع سلة من الفاكهة اللذيذة قرب جذع شجرة .وقال لهم ان اول طفل فيكم يصل الشجرة سأعطيه السلة بما فيها . عندما اعطاهم اشارة البدء ،فوجىء بهم يركضون معا ممسكين بايدي بعضهم حتى وصلوا الشجرة وتقاسموا الفاكهة اللذيذة .سألهم لماذا فعلوا ذلك بينما كان بامكان كل واحد منهم الحصول على السلة له فقط .اجابوه بتعجب :»اوبونتو» ubuntu ..كيف يستطيع احدنا ان يكون سعيدا فيما الباقون تعساء ؟! وتعني ابونتو في لغة xhosa «أنا اكون لاننا نكون». ذاك هو سر السعادة الحقيقية التي شعارها «نحن وليس أنا». ذكرتني هذه الحكاية بقصة العجوز والعصيّ التي كانت مقررة علينا في المرحلة الابتدائية وكان المدرس يقرأها لنا بتأثر شديد لكأنه كان يريد زرعها في نفوسنا اللينة .وما ازال اذكر ذاك المدرس الطيب الذي كنا بالنسبة له كابنائه يوم كانت المدارس للتربية قبل التعليم ، حين كان يقول : كان لرجل عجوز خمسة ابناء ، حين دنا اجله واحس بقرب موته جمع ابناءه واعطى اولهم حزمة عصيّ وطلب منه كسرها .فلم يستطع .اعطاها للثاني والثالث والرابع والخامس فلم يستطع أي منهم كسرالعصي مجتمعة .فقام بحل الحبل الذي كان يربط بها العصي واعطى كل واحد منهم عصا طالبا منه كسرها ..ففعلوا .قال لهم :يا بنيّ ، هل رأيتم «تابى العصي اذا اجتمعن تكسراً / واذا افترقن تكسرت آحادا» ورد نفس المعنى في وصية معن بن زائدة أمير العرب أبو الوليد الشيباني، أحد أبطال الإسلام، لابنائه بقوله : كونوا جميعاً يابني إذا اعترى...خطب ولا تتفرقوا آحـــادا/ تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً...وإذا افترقن تكسرت أفرادا . وقبل هذا وذاك قول الله سبحانه وتعالى «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا». أما وقد تفرقنا واقتتلنا وضعِفنا وضعنا وضللنا ، فلا بد من وقفة نراجع فيها حساباتنا واوضاعنا ،والامر ليس مستحيلا ولا صعباً.كل ما هو مطلوب أن نعيد ترتيب اولوياتنا.فالوطن قبل البيت،والشعب قبل الحاكم،والقريب قبل الغريب. في حرب تحرير الجزائر كنا نتبرع بمصروفنا كله وكان «تعريفة» او قرش لدعم المقاومة الجزائرية وكنا نشعر بفخر ونحن ننشد : قسما بالنازلات الماحقات /و الدماء الزاكيات الطاهرات/و البنود اللامعات الخافقات/في الجبال الشامخات الشاهقات/نحن ثرنا فحياة أو ممات/و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر/فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا... لقد بدأ تكسير العصي العربية في كامب ديفيد في ايلول 1978 حين اخترقت الصهيونية اقوى جدار عربي وحصلت على اول اعتراف بالكيان الاسرائيلي .ثم توالت الاعترافات والمعاهدات والاتفاقات.واصبحت كل دولة تبحث عن مصلحتها منفردة وهذا ما كان يخطط له الصهاينة .وكان العرب يجلبون الذئب الى كرومهم ، يعصرون عنبه ويشربون مع الذئب نخب «السلام» الذي انخدعوا به.في البداية ضعف العرب ولم يعد حول اسرائيل «طوق»،ضعفوا اكثر فتفردت اسرائيل وداعموها اولاً بالعراق وكرّت المسبحة التي سموها الربيع العربي وضاع الخيط الذي يربط بين حباتها. وفيما اصبحنا بيزنطيو العصر نتجادل ايهما عدونا اسرائيل ام ايران ،فاننا نفقد دولنا وثرواتنا ومكانتنا ومكاننا في العالم . تاريخنا موجع،أصبح السؤال ليس في اية سنة،بل...في اية مجزرة ولدت أو من اية مجزرة نجوت! |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة