ولد نزار قباني في الربيع ومات في الربيع ولقد كانت تربطه علاقة مقدسة بالربيع و بعشبة الطرخون التي كانت تذكره بوالدته.. ويقولون أن الربيع هو انقلاب الحياة على الموت، ففي الربيع تخرج الأرض نباتها وعشبها حيث تشرع التلال والجبال سفوحها لاستقبال الأزهار وشقائق النعمان.. وفيه تُغرس الاشجار.. برده يهلك الثمار.. يُزرع فيه الارز ويُحصد القمح.. تقلّم أفرع العنب وينعقد فيه اللوز والتفاح..
لكن ربيع نيسان لهذا العام يبدو مختلفاً.. فقد أتى حاملاً معه رائحة الموت للطفل "رعد" والذي مات غرقاً.. "رعد" ذو الأحد عشر ربيعاً لم يمت غرقا في مسبح ترفيهي؛ لا يملك ذووه المال لإرساله إليه لغايات الإستجمام.. ولم يغرق على شاطئ بحر كان يحلم بالذهاب إليه .. بل غرق في بركة مياه آسنة في سيل الزرقاء..!!
مات رعد غرقاً وارتطمت أحلامه الصغيرة في حفرة.. تلك الأحلام الصبيانية التي لم تكتمل بعد..!! غرق كفراشة كانت تحلم بالحياة.. وتخلفت عن موعد كان مع الربيع.
فبقدوم الربيع تكثر حالات الغرق جرا ء البرك التي تتشكل نتيجة الحفر التي تتجمع فيها المياه، ويظل السؤال معلقاً.. من هو المسؤول؟ وقد تغرق الإجابة أيضاً في قاع الحفرة..!! وموت رعد لا يضيف شيئاً جديداً سوى إضافة رقم على قائمة الأطفال الذين يموتون غرقاً كل عام نتيجة الحفر التي لا يتم طمرها..!!
اطفالنا لهم عالمهم الخاص البرىء وهم غير قادرين على حماية أنفسهم، فيجب علينا مساعدتهم لجعل عالمهم البرىء أكثر أمناً وأماناً وسلامة.. ببساطة أن الأمر خطير ويحتاج إلي تحرك سريع لانقاذ اطفالنا من الموت غرقاً في كل ربيع.