الشيطان يحمل الفانوس للناخبين
عمر كلاب
23-08-2016 01:43 AM
ربما تصلح قصة الرجل الطيب والشيطان عبرة في موسم الانتخابات والقصة تقول “ أن رجلا توضأ وانطلق لصلاة الفجر فأعثره الشيطان في حفرة نجسة فانتقض وضوء الرجل فعاد الرجل الى منزله واحسن الوضوء وذهب الى المسجد فكرر الشيطان فعلته في الظلام واسقط الرجل مجددا فعاد الرجل الى منزله واحسن الوضوء وخرج الى الصلاة , فوجد على باب منزله رجلا يحمل فانوسا اضاء له عتمة الطريق حتى أوصله الى باب المسجد , فأراد ان يشكره على حسن صنيعه , وسأله من انت , فأجابه رجل الفانوس , انا الشيطان , فلما سأله الرجل عن حسن صنيعه وهو الشيطان الرجيم , أجابه في المرة الاولى من السقوط غفر الله ذنبك وفي السقطة الثانية غفر لاهل بيتك فخشيت في المرة الثالثة ان يغفر لاهل قريتك فاشعلت الفانوس لك “ .
فانوس الشيطان في الانتخابات هو المال الاسود الذي يبدو للناخب في اول الامر مكسبا ومغنما , لكنه في نهاية المطاف فعل من افعال الشياطين حيث يفقد الناخب حقه في محاسبة النائب او مراجعته او انتقاد مواقفه , فمن يقبض ثمن صوته قد يعيش اسبوعا في رفاه لكنه سيقضي اربع سنوات في ظلمة وينتقل من سقوط الى آخر ومن وجع الى وجع , فالنائب سيشكر من أوصله الى المنصب وسيرد له الجميل , فإذا كان صاحب الفضل جيبته وارصدته فسيكون ممتنا لها ويحمل فضلها ويُعيد اليها الفضل مضاعفا وهذا للاسف ما تكرر خلال مواسم الضيق الوطني وسريان مفعول المال الاسود , وحصدنا كناخبين مرارة هذا الامر واوجاع قوانين بحاجة الى تعديل بل كان تعديلها واجبا لحظة اقرارها .
في لقاء الملك مع “الدستور” الذي اجراه رئيس التحرير المسؤول محمد حسن التل الاسبوع الماضي , اوضح الملك سمات النائب المطلوب للمرحلة القادمة من خلاله توضيحه للتحديات القادمة على المستويين الوطني والاقليمي , وضرورة ان يمهد البرلمان القادم الطريق للمجالس البلدية والمركزية , بحيث يتفرغ النائب للتشريع والرقابة والمساءلة فيما تكون الخدمات لاهلها في البلديات والمجالس المركزية , مما يعني ان طبيعة النائب القادم يجب ان تنسجم وطبيعة التحديات وكل مال اسود سيوصل شخصا غير قادر على حمل الاعباء الوطنية والمهمات الثقيلة التي سيتحملها مجلس النواب الجديد والحكومة الجديدة بعد ان تجاوزت اللحظة السياسية الوطنية حكومات الدبلوم ومجالس الدبلوم ايضا .
مهمة الشيطان الوحيدة هي الغواية فقط ولكن اساليبه للغواية تحمل الكثير من الادوات الايجابية مثل قصة الفانوس التي سعى لها الشيطان كي لا ينجح الرجل في ان يكون سببا لخير يعمّ على اهل الحي , وثمة وسائل كثيرة يستخدمها الشيطان حتى اوصلت العقل الجمعي الى حكمة مفادها “ ان الطريق الى جهنم مفروش بالنوايا الطيبة “ فعجز المجالس السابقة واداء كثير من النواب اوجد هذا الفانوس السلبي وانتج جماعة المال الاسود الذي تعجز الملاحقة القانونية عن ضبطه منفردة ويجب ان نسندها جميعا في ملاحقته ومحاسبته , ويجب ان نرفع منسوب الامل لدينا بالمشاركة الفاعلة لان المستقبل سيكون عبر مجلس النواب فاذا صلح المجلس صلحت باقي السلطات , وحتى يستقيم الحال فان المواطن الذي يقبل ان يبيع صوته يكون قد ذبح مستقبله او وشّحه بالسواد سلفا .
قديما انتجت السينما المصرية فيلما اسمه الشيطان يعظ والان انتج المال الاسود نظرية الشيطان يحمل الفانوس للمصلين وعلينا ان ننتبه الى شياطين الانس الذي يحوسون في كل الشوارع في مواسم الانتخابات لإفساد مستقبلنا ومستقبل اجيال تحلم بوظيفة آمنة وبيت يقي حر الصيف وبرد الشتاء ولقمة كريمة لاطفال في عمر الورد , فدعونا نهزم الشيطان ونشعل شمعة الامل للوطن كله بالذهاب الى صناديق الاقتراع وممارسة الحق الوطني بما يستحق .
الدستور