حكاوي بنت/ في انتظار المُخلّص
05-09-2008 03:00 AM
رجل الدين في حياتي كان أبداً هو ذلك المُخلّص الذي يتأخر دائماً عن موعده لانقاذي, بحجة أنه مكبل بقيود الواقع, رغم أن الاديان جاءت على هيئة ثورة تنتصر للمظلوم من الظالم, وتواجه الواقع وتصرخ في وجهه: أنت ظالم..
ولقد انتظرت رجل الدين ليمسح دمعتي عندما كان أهلي يجبروني على أداء شكليات الدين, ويطلب منهم أن يرفقوا بي حتى أقتنع بهدوء؛ لكنه لم يأتِ, ولم يدرك أنني بحاجة ثائر ينصفني, لذا قررت الاستعانة بنفسي, وعقد العزم أن أثور, فأرجوك لا تلمني فقد انتظرتك طويلاً, لكنك لم تأت في الوقت المناسب.
كانت كل آمال الطفولة التي شكلت مخيلتي وصاغت طموحي معلقة على وجودك.. على عقلانيتك التي من شأنها أن تجعل تقطيبة والدي بسمة حنونة وهو يرى ابنته التي لم تتخط السبع سنوات من عمرها ترقص على أغنية تعجبها, لكنك كنت أبداً تثير خشيته علي منذ كنتُ طفلة من الخلاعة التي يراها تقف على أعتاب سنين الشباب وتتربص بي.
كنت تدعوه أن يخاف علي من النضوج, من السعادة, من الحياة التي خُلقتُ لأجلها.
صدقاً انتظرتك لتخبر آباءنا أن الله وهبنا الحياة لنسعد بها, وليس لنجني الاجر الحسن عبر التقطيبة التي ألفتها البنات اشارة حمراء على جبهات الاباء لتمنعهن دائماً من الاقتراب مما أحببن.
انتظرتك طويلاً لتحكي لجارتنا النكدة أن العبادات التي تُلّحُ بها على الله لتحصل على إذن دخول الجنة ليست الا جزءاً من ديانة مكتنزة بالاخلاق, ديانة جعلت البسمة صدقة نتقرب بها الى الله.
انتظرتك لتقول للرجال أن الاديان تبارك أولئك الذين تنبض قلوبهم بمفاهيم الفرسان, لكنك كنت دائماً تذكي في قلوبهم لذة الوصاية علينا.
لقد قضيت عمراً باحثة عن مفردات تجمعني بالله والحياة معاً, وكنت أنت بعيداً عني منكباً على كتابة شرح على هامش كتاب قديم في محاولة منك لنحيا يومنا الحالي بمفردات الماضي.
لا تلمني؛ فأنا أبحث عن نفسي التي تاهت في لعبة شد الحبل بينك وبين أقطاب تحاربها تارة وتهادنها تارة أخرى لتصنع منصباً, ولم تدرك ولو للحظة مدى حاجتي إليك لتحميني وترتب أفكار مجتمع تائه عن درب السعادة والخير.
لذا, أرجوك لا تلمني؛ فلقد انتظرتك طويلاً ولم تأتِ.