نشهد اليوم فوضى اعلامية كبيرة في عالم الاعلام وعبر الفضائيات وحتى عبر الندوات والمؤتمرات التي تتعلق في مجالي الصحافة والاعلام وحتى فيما يتعلق بمسألة (التدريب).. فليس كل اعلامي وصحافي قادرا ان يشرح عن موضوعات متخصصة كالصحافة الالكترونية او الاعلام الجديد او عن الثورة الرقمية او تكنولوجيا المعلومات وغيرها من الموضوعات .. فلا الخبرة الطويلة ولا المهنة التي يعمل بها الصحافي او الاعلامي تجعله قادرا ان يكون مدرباً ناجحا او ضيفا قوياُ عبر قناة ما.. وهناك الكثيرون من افراد مجتمعنا وبخاصة البارزين في مجالي الصحافة والاعلام لاحظوا ان بعض الذين يعملون في مجالي الصحافة والاعلام اصبحوا يبرزون بطريقة مفاجئة على قنوات فضائية أردنية عدة ، لينظّروا علينا ببعض المواضيع المتعلقة في المجال الاعلامي والتي لا علاقة لهم بها على الاطلاق.
وابدأ اولا ببعض الفضائيات وبخاصة الفضائيات الاردنية التي تستضيف بعض الذين يعملون في قطاع الصحافة والاعلام ليقوموا بشرح وتعريف للاعلام وللصحافة الالكترونية وللاعلام الجديد وغير ذلك من موضوعات .. طبعا هؤلاء وانا متأكدة بان تلك الفضائيات تقوم باستضافتهم ليس بمجهود منها في البحث عن الشخص الاجدر لشرح تلك الموضوعات.. بل تتم استضافتهم من خلال اناس تربطهم علاقات قوية مع تلك القنوات الفضائية والمحطات الاذاعية.. او من خلال الحاح الشخص عليهم لتتم استضافته في برنامج ما من ثم يبدأ بالتنظير علينا .. او ربما ضعف القناة او المحطة في اختيارها الشخص الانسب والاكفأ لشرح تلك الموضوعات.. ومن المؤسف والمحزن ان نشاهد ونسمع الكلام الركيك واللغة الركيكة عدا عن التعريفات الخاطئة التي يقدمها ضيف البرنامج عبر تلك القنوات ..
وكان الاجدر لهذه القنوات والمحطات ان يستضيفوا اصحاب الاختصاص او مؤلفين تناولوا تلك الموضوعات ، لكن للاسف اصبحت معظم الفضائيات تستضيف فلانة وفلان من دون ان تدرك مدى ثقافتهم ومدى تعمقهم وفي تلك الموضوعات المتخصصة ومن دون ان تبحث عن المخزون المعرفي لديهم.. وبالتالي فان مذيع او مُعد القناة الذي يقوم باستضافتهم هو اصلا لا يدرك الخطأ من الصواب فيما يتحدثون وينظّرون به تلك الفئة التي تسعى فقط للشهرة عبر تلك الفضائيات والمحطات.. والجدير بالذكر ان بعضهم وفي ليلة وضحاها اصبحوا يعملون عملا اضافيا "كمذيعين" في قناة فضائية فنجدهم يُطلقون على أنفسهم ويطلق عليهم الاخرون ايضا لقب "اعلامي"
اما بالنسبة لبعض مراكز التدريب وغيرها من الجهات المتخصصة في التطوير والتدريب والتي تستضيف فلانة وفلانا ليقوموا بتقديم ورقة عمل او ورقة مشاركة من خلال مؤتمر او ندوة ما، ليشرحوا عن الصحافة الالكترونية والاعلام البديل وغيره من موضوعات، والتي لا يمكن ان يقوم بشرحها بطريقة دقيقة وصائبة الا اصحاب الاختصاص والمؤلفين في هذا المجال.. فأقول: وأسفاه من انتم كي تقوموا بشرح عن الصحافة الالكترونية ولا تملكون الخبرة ولا الشهادات ولم تعملون بها اصلا !! ومن انتم يا فلان او يا فلانة كي تقوموا بشرح عن ( الاعلام البديل) ! ومن قال لكم وللجهات التي اختارتكم ان هناك شيء اسمه الاعلام البديل! وكيف تقومون بشرح عن مصطلح خاطىء اطلقتموه انتم وغيركم وهو مرفوض في عالم الاعلام! فلا يوجد شيء في عالم الاعلام اسمه "الاعلام البديل" ، بل الاصح هو ( الاعلام الجديد) لاننا عندما نطلق على الاعلام الجديد على انه ( اعلام بديل) هذا يعني ان المصطلح الثاني الغى كل ما كان سابقاً من وسائل اعلامية قديمة .. ما يعني اننا الغينا جميع الوسائل التقليدية القديمة واستبدلنا بالاعلام الجديد فقط.
واستغرب ما يجري من بعض القائمين على مؤتمرات اعلامية ضخمة في اختياراتهم لاشخاص هم اعلاميون وصحافيون نعم .. ولكن ليس لهم علاقة متخصصة بتلك الموضوعات ولا يملكون القدرة على شرح تلك الموضوعات.. وغير مؤهلين لها والتي من الضروري ان يقوم بمشاركتها وتقديمها اصحاب الاختصاص ..
واستغرب ايضا من تلك الفضائيات التي اصبحت تستضيف اي شخص لكي يتكلم ويشرح عن موضوعات متخصصة من الصعب حتى اصحاب الاختصاص ان يقوموا بشرحها كاملة الا من قام بتأليف كتب عنها !. كما استغرب من بعض المراكز التدريبية التي اصبحت تتعاقد مع فلان وفلانة الذين يعملون في مجالي الصحافة والاعلام كي يقوموا بعملية تدريب الاخرين وهم اصلا غير مؤهلين لتدريبهم ولا يملكون معايير للتدريب.
للاسف هذه فوضى اعلامية نعيشها اليوم وربما تؤدي بمجتمعنا نحو امور لا يحمد عقباها في مجالي الصحافة والاعلام .. والمضحك والمحزن في آن واحد ان البعض اصبح يُنظر علينا من خلال استضافته عبر بعض القنوات فنجده مرة يتكلم عن الاعلام ومرة يتكلم عن الطفل ومرة عن الصحافة ومرة عن الارهاب ومرة يتكلم عن الاديان ومرة يتناول السياسة .. اتمنى ان تتركوا الاختصاص لاصحاب الاختصاص .. فمجتمعنا مجتمع واع وذكي ويملك القدرة على التمييز ما بين شخص وآخر ، فمن الضروري ان يكون هناك رقابة من هيئة المرئي والمسموع على بعض الفضائيات والمحطات التي تعتمد العشوائية في اختيار ضيوفها ولا تعتمد اصحاب الكفاءة والاستحقاق ، ومن الضروري ايضاً ان يكون هناك موقفا صارما من نقابة الصحافيين الاردنيين وان تقوم بتفعيل الرقابة وعلى وضع معايير واضحة ومحددة ايضاً فيما يتعلق بالالقاب المهنية لتكون قادرة من خلالها على محاسبة كل شخص يطلق على نفسه لقب صحافي سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي او من خلال استضافته عبر اي قناة.