احدثت الاوراق النقاشية الملكية الخمس حراكا في الواقع السياسي واعتبرها نشطاء ارضية لرسم المستقبل السياسي للمجتمع الاردني وما تلى الاوراق من تعديل لقانون الانتخاب واللامركزية والبلديات منحها قيمة مضافة الى قيمتها. وبما ان المجتمع دخل في مرحلة التحضير للانتخابات النيابية والاستعداد للانتخابات المركزية والبلدية، فإن اللحظة تحتاج الى ورقة سادسة او الى ملخص تنفيذي للاوراق من الملك للمجتمع الاردني الذي يترقب ترسيم المسافات وإجلاء المشهد بعد انجلاء مرحلة الشك بتغيير القوانين الضامنة للاصلاح السياسي وبعد مرحلة الكمون والضبابية التي رافقت التعديلات الدستورية الاخيرة.
يعرف الجميع بأن الملك هو الضامن للعملية الاصلاحية وان تغيير التشريعات وتعديلات الدستور جاءت لتمهيد الطريق للحكومة البرلمانية ولازالة هواجس الشك والريبة من ذهنية تخشى من الاصلاح وتخافه قبل اخراج المؤسسات الامنية والعسكرية والقضائية من دائرة التجاذبات السياسية خشية ان تتأثر استقلالية وحرفية هذه المؤسسات السيادية بالحكومة البرلمانية التي بالقطع لها طابع حزبي او تحالف احزاب وذلك انتهى بعد التعديلات الدستورية الاخيرة؛ ما يعني ان المجتمع بحاجة الى ورقة ملكية تستنهض الحالة وتكشف الغشاوة السائدة حاليا وتمنح المجتمع ضمانة اضافية بأن المرحلة القادمة دفنت الصوت الواحد ودفنت معه العبث بإرادة الناخبين، فلم يعد هناك ما يستوجب الشك والخوف.
السائد على المشهد الآن، الضبابية والغشاوة، وكل حديث من غير الملك لن يمنح الناس الثقة بالقادم ويدفعها على الاقدام والمشاركة بجسارة ودون تلكؤ او خوف، والورقة التنفيذية او الملخصة – بكسر الخاء – هي القادرة على منح الشارع هذه الثقة وهذا الامل، خاصة وان هناك توجهات لدى قطاع شبابي يرغب بالمشاركة في الانتخابات الى اعتماد الاوراق الملكية كبرنامج انتخابي بحيث تتحول هذه الاوراق النقاشية الى مشاريع قرارات تنفيذية وقوانين تشريعية وبرامج اصلاح اجتماعي واقتصادي وثقافي وهم بحاجة الى هذه الورقة كي يستعينوا بها على الحالة الضبابية التي رافقها موجة تشكيك وكمون اجتماعي بحكم عوامل متعددة اسهمت الحكومات ببعضها واستثمرت القوى المناهضة لدفع العجلة الى الامام في بعضها.
الورقة السادسة تحتاجها اللحظة الاردنية بكل تفاصيلها ونحن نعيش لحظة الاستعداد للبرلمان الجديد وللحكومة التي تليه وما يرافق هذه التركيبة عادة من تكهنات واحباطات واشاعات عن المستقبل، وسط ظروف اقتصادية صعبة وحالة انسداد على المسارات الاقليمية الضاغطة على العصب المحلي، فأزمة سوريا متصاعدة والعراق يترنح والحالة الفلسطينية على شفير انفلات عارم وكل ذلك يخلق حالة احباط وتراجع في الجسارة الشعبية على الاقدام والمشاركة مما يعني اعادة انتاج النسخة المكرورة من البرلمانات التقليدية التي ساهمت في احباط الشارع اكثر ولا تمنح املا ولا تحبيي اماني التغيير والحداثة اللازمة والمطلوبة لمجتمع يعيش بين سوار من نار.
الملك وحده القادر على منح الناس ثقة زائدة ويرفع من مستوى يقينهم بضرورة التغيير وقدرتنا كمجتمع ودولة على احداث هذا التغيير ورفع منسوب الامل بالمستقبل الذي يحمل بالضرورة بشائر الخير من خلال الصندوق السيادي والاستثماري وانتقال العلاقة مع الشقيقة السعودية الى مستوى المصالح الاستراتيجية المشتركة وكذلك مع دول الخليج العربي التي باتت اكثر يقينا بالعقلية الاردنية ومتانة الدولة الاردنية ونظامها السايسي، فقد لاحظنا خطابا حكوميا جديدا في شكل العلاقة مع الدول الصديقة والشقيقة عماده القوة الاردنية والمتانة الامنية وكل تلك اسباب لمزيد من العلاقات الاستراتيجية، وستأتي الورقة السادسة لضبط ايقاع المجتمع على عقارب الساعة الوطنية ومواقيت اللحظة الاردنية التي تعيش اجواء صعبة وضبابية ولكنها تفخر بذاتها وبقدرتها على اجتياز عواصف الاقليم.
الدستور