المشهد الثقافي في عهد الاستقلال
ناصر رحامنة
20-08-2016 10:55 PM
منذ ان شقشقت أشعة الشمس على ربى الاردن المستقل ومنذ ما قبل استقلاله اي منذ انطلاقة الثورة العربية الكبرى والأردن يسعى الى استنطاق كل ما هو ثقافي وإبداعي وجمالي وقد اتضح لنا ذلك من خلال المناظرات العميقة والكثيرة التي كانت تدور بين المغفور له بإذن الله تعالى جلالة المؤسس الاول وبين أدباء وشعراء ذلك العصر أمثال الشاعر الكبير مصطفى وهبي التل والشيخ نديم الملاح وسواهما كثير ممن اسسوا للحركة الثقافية في الاردن ووضعوا بصماتهم الاولى على جدارية المشهد الثقافي والإبداعي الأردني ومن حيث وقوع الاردن جغرافيا في حضن الجغرافيا العربية بشكل عام فقد استضافت واستعانت بثقافات وإبداعات عريقة سواء من شمال سوريا الكبرى او من حضارة الهلال الخصيب او من تاريخ الجزيرة العربية او من حضارة مصر وغرب الوطن العربي في شمال افريقيا
وظل البحث الدؤوب مستمرا ينهل من تراث البيئة المحلية من اجل إنماء المشهد الثقافي وإعلاء قيمة الواقعية في عهد جلالة المغفور له بإذنه تعالى الحسين بن طلال طيب الله ثراه حتى وصلت ذروتها محاكاتها عالميا بسبب احترام تنوع الثقافات وحرية التعبير والتواصل محلياً وعربيا وعالميا حيث تعتبر الوسائل الجوهرية الدافعة بامتياز نحو الأفق المضيء لتستمر مسيرة بناء الوعي الإنساني اولا وإعمار مكانته ومكانه في زمن تخترق التطورات المتسارعة فيه كل احتمالات الإمكان جد الذهول ثانيا مما جعل المواطن ينهل من مكونات ما لديه من أدوات ثقافية كثيرة بشكل متسارع من اجل تحقيق هدفه المنشود في مواكبة العصر ومتطلباته المتسارعة
ان من ضروريات إعلاء سوية الفرد الأردني العناية بالتربية والتعليم وتنشئة الأجيال القادمة صحيا وفكريا ونفسيا وعقائديا لذلك اهتمت المؤسسة الحكومية بالمنهج التعليمي من تجل النهوض في مجالي التربية والتعليم فأصبح التعليم إلزاميا للصفوف الاساسية الاولى
ثم أنشئت جامعة الاردنية حيث توالدت حتى أصبحت تعاد الجامعات في الاردن في تزايد ملحوظ الى ان اصبح التعليم الجامعي ضرورة ملحة ايضاً لكل من لديه الرغبة في تشكيل المشهد الإبداعي الحقيقي الذي يسعى من خلاله الى إكمال معرفته الكونية بوساطة العلوم الحياتية والإنسانية وقد غدى الاردن في حقبة زمنية قصيرة وضيقة جدا بالنسبة الى الظروف البيئية والاقتصادية التي يعيشها المواطن الأردني صاحب السبق في كثير من العلوم حتى اصبح يشار لنا نحن الاردنيين بالبنان وأصبحنا نصدر معرفتنا الى الكثير من الدول العربية وها نحن نجاري كثيراً من الشعوب الناهضة في العالم علما وسلوكا وثقافة وإبداعات حيث ساهم في إعلاء شأن المشهد الثقافي الأردني كل من المؤسسات الحكومية والخاصة وصار المشهد مشهدا مؤثرا محلياً وعالميا وقد اعترفت في مضامينه وأشكاله المتنوعة دول العالم اجمعها
لقد تبرعمت البدايات في الديوان الأميري العامر ممثلة برأس الحكم الامير عبدالله المؤسس رحمه الله ومجموعة من الشعراء والأدباء والفقهاء من المبدعين الاردنيين في انطلاقة البدايات الاولى آنذاك حيث كانو البذرة الاولى التي انغرست في حديقة المشهد الثقافي الذي نحن عليه الآن
ان الاعتراف بتساوي جميع الثقافات في الحدود العليا من التقدير والتكريم وحماية الممتلكات الثقافية وتخطيط السياسات الهادفة التي من شأنها ان تتوافق مع المعيار الاجتماعي والعقائدي وما يناسب المشهد والوعي الجمعي للثقافة السائدة في وطننا العربي والإسلامي ومناقشة التنوع الفكري من غير تحييد ووجوب النهوض بالتعددية الثقافية البناءة صونا للفكر والوعي والتراث الثقافي في جغرافيا المكان الذي يخصنا لتساهم وتعزز المحتوى النوعي الذي تسهم به الثقافة الاردنية مع ثقافات شقيقاتها الدول العربية التي تشترك معها في أساسيات وأصول لا حدود لها حد الاندغام والتماهي التراثي والعقائدي والقطني في تكوين الحضارة العالمية
لقد تطور مفهوم الثقافة في الاردن تطورا نوعيا وعميقا مع معطيات العالم الجديد بحك التسارع الإعلامي الهائل الذي جعل من العالم قرية صغيرة يطل بعضها على بعضها بسرعة ما تبثه الأقمار الاصطناعية التي ملأت فضائيا الكوني فتداخلتهم القيم والمفاهيم وصار من الصعب السيطرة عليها بمنأى عن استقلال الثقافات وتنوعا المثمر فضلا عن دمج جماليات بعضه ببعضها الآخر ومع ذلك فقد عكست هذه الوسائل الإعلامية مفاهيم وتراث اخرين لم نكن نعلم عنهم شيئا
ان المشهد الثقافي الأردني منذ بداية استقلال الاردن الى الان قد مر في مراحل تقافزية يصعب تتبعا منهجيا او منطقيا لكن حال المواطن عموما بحكم الرواسخ القيمية المثلى والعليا التي نهلها من مناهل القيم التراثية والعققائدية قد جعله في مأمن من التجاوب مع سلبيات ما يعبر الى ذهنه عن طريق التلوث الفكري ألمنتجه حيث انه ما زال يعكس من حيث ممارساته اليومية ما يترجم الرؤى القافية بإبداعاتهم متميزة لم تخترق بعد وما زال المشهد الثقافي الاردني بنبىء بالخير وما زال متجاورا بحذر مع نظريات الحداثة المستجدة وبقائها في الحدود النظرية فقط من دون التوغل انتهاجهاعمليا مع بقاء المسافة الخجولة بين ثقافتنا المستمدة من ارثنا الطويل وثقافات الدول العلمية الاخرى .
لقد ساهمت وزارة الثقافة و وزارة الاعلام وأمانة عمان الكبرى في استضافة العاصمة الثقافية العربية عام ٢٠٠٢ حيث كانت عمان العاصمة الاردنية هي عاصمة القافة العربية آنذاك وقد استضافت كثيراً من الفعاليات الإبداعية المختلفة كالشعر والقصة والرواية والفنون الجميلة والمسرح وغيرها من المتج الثقافي الإبداعي العربي كذلك رحبت عمان بالثقافات التي من شأنها الإسهام في المرموز الثقافي المشترك على سبيل بناء التضامن الذي يكشف رويت حدث عن مكنون التنوع الإبداعي العربي مما يؤثر إيجاباً في المشهد الثقافي بارعا في الكشف عن ذاته بفخر من حيث النمو كماً ونوعاً سواء مع المعطى الداخلي او الظهور الخارجي من حيث ان الثقافة تعكس ثقافة المجتمع الذي وان تعددت منابته وأصوله الا انه ظل محافظا على وحدة القافة بمجملها مع المزج بما هو نافع من فنون وثقافات وفدت الى الاردن من اثر النزوح والهروب من المطاحنات المهلكة في الدول الاخرى انه تنوع إيجابي يعد في مجمل تفاعلات تفاعلا إيجابيا داعما ورافعا للمشهد الفسيفسائي الجميل التعدد الإيجابي بين الثقافات وما زال المشهد العام للثقافة الاردنية في عهد الاستقلال مدعواً الى تجديد ذاته مع الحفاظ على الأصول بفضل قدرته على الحوار والانفتاح لان الثقافة كما نعلم بمفهومها الشمولي يتسع اكثر مما يندرج تحت مسميات الفنون والآداب وهي التي تعد حاملة لكل القيم المميزة الروحية منها والمادية والفكرية والعاطفية والتي يتصف بها مجتمعنا الاردني وتشمل بالاضافة الى تعدد الفنون والآداب سبل الحياة وأساليب العيش ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات .
ان التنوع الثقافي الذي تحظى به المملكة الاردنية الهاشمية منذ اعلان الاستقلال والى الان يدعو الى الفخر وألعن أر بمكونات هذه الدولة سواء في القيادة المعززة الحكيمة او في الشعب الذي التزم كثيراً رغم طغيان الاعلام المتسارع.
وما زال مشرعا شراعه في خضم هذه الأمواج المتناحرة منها او المتوافقة في المضي قدما نحو تطوير و مواءمة اطو الفكر والعمل التي يمتلك نواصيها وها قد اصبح اليوم الاعتراف بالتنوع الثقافي واحترامه العامل الأساس في التماسك الاجتماعي النهضوي عن طريق التنمية المستدامة التي هي من صميم الاهتمامات السياسية الوطنية والتي من شأنها حماية التنوع الثقافي ومجابهة التحديات الضاغطة باتجاه تمزيق هذا المشهد الذي تمثل في رخاء التعايش بالأمن والأمان ومع إرادة الحياة مصرا على بقائه مجتمعا واحدا لا تفصم عراه معاول الهدم والتخريب والأفكار المسمومة التي لا يقبلها عدل الاله على الارض وسنظل سواء أفراداً كنا ام جماعات مع اختلاف ثقافات المنشأ داخل البلد الواحد يدا واحدة من اجل حماية التنوع الإبداعي في الوطن الواحد .