جلسته ونظرته كانت حكما بالعار على "الانسانية"، اصدره من ذُكرفي كتاب الله بأنه "زينة الحياة الدنيا"، في عالم ما بات يتبع ديناً ولا اخلاقا...يهز العالم بعينيه الصغيرتين ليتساقط "كبار" العجم والاعراب" في مشهد اقل ما يوصف بالمذهل.
عمران، وحيدا يخرج هذه المرة، ولاول مرة، من تحت انقاض ما كان يوماً بيته، يخرج من حضن "ماما" مرغما ويودع "بابا" وداعا قسريا.
عمران الصغير الكبير، ولادته قبل خمس سنين وبضع، جاءت مع ولادة ربيعٍ ثورة، وما تحول بعدها الى "حرب بالوكالة"، ولد مع انقاض طفولة وبقايا براءة لم يعشها اطفال سوريا.
لحكمة الهية، يصحو عمران من براثن الصخور الجاثمة على صدره ورأسه ودماؤه ثكلى تؤذن بان لا حياة باتت الان كما كانت منذ ساعة.
يقبل عمران على هذا العالم مدبرا عن حياته الماضية، ينام طفلا يرتعد من هول اصوات الطيور القبيحة التي تبصق موتا في ارجاء البلاد وتعيث في حيه رعبا,,,ليصحو مذهولا ويصبح نجما حزينا يتصدر شاشات التلفاز وصفحات الجرائد.
عمران سياكل من يد ماما ويلعب مع بابا واخيه واخته في احلامه فقط، ان سمحت له الضباع ان يحلم، عمران بين مطرقة الدب وسندان الاسد وبينهما حكاية طويلة تقصها دماء وارواح كان اسمها "سوريا".
ماذا ستقول يا عمران حين تفتح بعد سنين ارشيف عارنا العربي...وتتذكر، ان اسعفتك ذاكرتك الصغيرة، ان بيتا كان لك اهلكته حرب لا ذنب لك، ولا لماما او بابا فيها.
كيف سادافع عن نفسي ان انا التقيتك يوما بجبين خجول وانت تسالني ماذا حصل ولم؟!
هل يا ترى نام الاسد تلك الليلة ملء جفنيه بعد جلسة البراءة القاضية تلك؟! وهل تناول الدب عشاءه بعد وجبة دم دسمة بثتها قنوات تنقل موتا في موت في موت وهل طرح وجهك ودمك البريء سؤالا بتنا نسأله كل يوم، الى متى؟!
لعلك تتساءل عن سبب وجودك في هذا المشهد بدلا من مراجيح ودكاكين سكاكر وموالح. ولعلك تشعر بالقرف من "الكبار" الذين لا يجمعهم بالكبر الا مقاس ملابسهم وربما تقول في نفسك لو حكموني في هذا العالم لاحللت الحب والسلام. ستعيش ابدا حنين درويش لخبز امه ولمسة امه وستكبر فيك الطفولة وتعشق عمرك خجلا من دمع "ماما".
ليتني معك يا عمران لاغني لك اغنية ما قبل النوم واهبك دفئا تركته امك في عنقي امانة واسقيك حبات السكاكر التي اوصاني ابوك ان اهديها لك صباح العيد....واي عيد بعد عينيك وجلستك يكون..
طوبى لك طفولة لم تعشها يا عمران وبئسا لنا، معشر الاعراب والاعاجم، وعذرا واعتذارا مني ومن قلب كل عاشق لقلبك ولهذه الارض السمراء بلغة واحدة....اخجلتنا يا عمران.