حتى اللحظة، لا يوجد اساس عقلي لجملة سارت بيننا على انها حكمة، تقول ان السكوت من ذهب، وبالتوازي تحدثت اجهزة الاعلام الشمولي عن فضيلة الصمت، فتأسس عقل جمعي ووعي اجتماعي أدان المعارضة بكل اشكالها فكانت السياسة السائدة او السياسة الرسمية هي اللسان الطليق، وصار المخالف لها معارضا تشيطنه القوانين والانظمة والمجتمعات التي تربت على فضيلة الصمت، رغم ان الشواهد الواضحة في الأثر الصالح والسنن النبوية عن فضيلة كلمة الحق هي الاكثر وضوحا، بل انها جاءت في مراتب عالية تقود صاحبها الى الجلوس تحت ظل السماء، وان الكلام هو المباح وان الصمت مطلوب اذا كان يخالف الحقيقة والخير - فليقل خيراً او يصمت - اي ان القول هو الاساس، والنقد جزء من القول المطلوب والضروري حتى يستقيم الواقع وتستقيم الحياة.
فجر الامس أثبت شاب ومدرب ان العزم لتحقيق النجاح اكثر انتاجية من التلكؤ والتأتأة، واكثر جدوى من الكلام المعسول الذي يسيل على السنة الرسميين حيال دعم الشباب وانهم امل المستقبل الذي نسيناه حتى اعادنا ابو غوش اللاعب الذهبي و العساف المدرب الذهبي الى سكة الفرح والانتصار، واعادنا الى ضرورة ممارسة النقد لكل موروث العمل الشبابي المبني على الرفاه والتنظير، فالنجاح تحقق بالعزيمة والارادة الوطنية الصلبة وبكلفة متواضعة لمركز تدريب تسلّح بالارادة ومدرب آمن بما يفعل واستثمر في الشباب بمعرفته وخبرته فزرع الارادة وقطف النجاح، التحجج بقلة الامكانيات رغم الانفاق الترفي على مجموعة من الشباب لم يحقق ادنى جدوى امام ارادة النجاح وثقافة النصر التي كانت اساس البناء الذاتي للشخصية الاردنية، فمراكز الشباب المتواضعة المنتشرة في كل المحافظات قادرة على انتاج النصر اذا توفرت الارادة السياسية، فما زالت ذكريات مؤسسة رعاية الشباب قائمة وكيف نجحت تلك المؤسسات في تجنيب الاردن خطر الفرقة وزعزعة الاستقرار، وكيف نجحت تلك المراكز البسيطة الامكانات في بناء جيل شبابي بات اليوم على مشارف الكهولة في تجنيب اللاردن كل الازمات التي عصفت بالاقليم وقتها، لانها ببساطة كانت متسلحة بالافكار الوطنية ومجهزة بالكوادر المؤمنة.
النجاح يحتاج الى ارادة اولا وقبل الامكانات، ورأينا دولا تنفق اموالا طائلة من اجل ان يرفرف علمها في حفل الاولمبياد الكوني ولكنها عجزت عن ذلك ونجح بعض منها في شراء نجاح لا يتقن العربية اصلا، استمرارا لمسلسل النجاح الوهمي او الاستثمار السياسي وليس الاستثمار الوطني، الارادة والتربية الوطنية الحقيقية والاعداد والتجهيز وفقا لقواعد التربية الوطنية هي التي تحقق النصر وتجلب الفوز وتهزم الارهاب والتطرف والتفرقة، توفر الارادة السياسية اكثر اهمية من توفر الامكانات المادية التي رأيناها كيف تنهار امام ارادة الشباب من الدول الفقيرة التي امتلكت الارادة والوعي وتسلحت بالعزيمة، ونحن رواد في هذا المجال والشباب الاردني يملك جينات الوعي ويملك جينات النصر والتربية الوطنية السليمة رغم ما الحقنا به من شروخ وجروح بالتفرقة والتمييز حد انعدام الامل، فشباب المناطق الفقيرة والنائية يعيشون ظروفا صعبة وشباب المحافظات والارياف والبوادي والمخيمات عانوا من تهميش ومن مؤسسات شبابية مغلقة والفرصة قائمة .
نحتاج الى اعادة ترتيب الاولويات في كل المسارات والسير بها دفعة واحدة كل حسب مجاله ودوره واول خطوة في ملف الشباب توحيد المظلة الجامعة التي نمتلكها وقد اتطرف واقول نمتلكها وحدنا في الاقليم، قيادة هاشمية تجمع وامير شاب قادر على قيادة التكوينات الشبابية تحت المظلة الرسمية الواحدة، وهناك ارادة شبابية هائلة ساكنة في صدور الشباب تحتاج الى اطلاق وبرامج لتفريغها، ولعل الصدفة او النصيب الاردني الايجابي ان الذهب جاء كحاصل جمع للوحدة الوطنية التي نؤمن بانها الركن الثالث في منظومة النجاح الاردني، العرش والجيش والوحدة الوطنية، وكل هذه الاركان يجب ان تتحرك في فضاء من الحرية والكلام الذي يدعو الى خير البلاد والعباد واذا كان الكلام من فضة فان السكوت من تنك وليس من ذهب، فالذهب ياتي من الكلام الايجابي والنقد الحقيقي لتصويب المسيرة، مبروك لنا جميعا انجاز ابو غوش والعساف وشكرا لهما على رسم البسمة على شفاهنا ورفع معنوياتنا.
الدستور