الاردنيون يعبّون من (ماء الذهب) عطشا و فخرا
خالد الكساسبة
19-08-2016 03:02 PM
وهم يعبّون من (ماء الذهب) عطشا و فخرا
الاردنيون يحتفلون ب (احمد ابو غوش) و يغنون مع (فارس العساف) : (ما أروعك)
وسط كل هذا الظلام وكل هذا الخلاف والاختلاف الذي يسود الاردن هذه الايام رأينا قبل ساعات قليلة بريق الذهب قادما من هناك، من (ريو) وهو يلمع على صدر (احمد ابوغوش) ليمنحنا هذا الانجاز ليس ميدالية ذهبية ستسجل في التاريخ و انما ايضا شعاعا من الامل.
مثل عطشى في صحراء (عبَّ) الاردنيون، ولا يزالون، من (ماء الذهب)، ميدالية ذهبية يتيمة لكنها غالية جدا، كم كنا محتاجين - نحن الاردنيين - لهذا الفرح و هذا النصر وسط كل هذا الكدر و الطفر و العفر و القفر و الفقر الذي يملأ حياتنا ،كم كنا محتاجين في الاردن لهذه الفرحة و هذه (الوحدة) و هذه الوطنية بعد أن قسمتنا و فرقتنا ،أو كادت ،قضايا السياسة و الدين ،هذا البلد الذي لا يملك النفط و لا الغاز و لا الذهب يفرح اليوم ب (الذهب) و صاحب الذهب و يحتفي بـ الانسان (أغلى ما نملك) ، أو على الاقل هكذا قيل لنا .
في غرفة احمد الذي بدأ دراسة ادارة الاعمال في الجامعة الاردنية العام الماضي صور كثيرة لكن كلها لـ شخصين فقط : اسطورة التايكوندو الاردنية (فارس العساف) واسطورة كرة القدم العالمية (ميسي) فأحمد كان دائما ينظر لـ (ميسي) كبطل ملهم له فيما كان ينظر لـ(العساف) كأب روحي وصديق ومثل اعلى في التايكوندو و ليس مدربا فقط ورغم ان احمد وفارس يملكان الاف الصور لكن لربما سيكون صعبا عليك أن تعثر لديهما على صورة لا تجمعهما معا وكما من الصعب عليك أن تعثر على اختلاف بينهما باستثناء اختلاف واحد : أحمد برشلوني فيما فارس مدريدي حتى النخاع.
ولمن لا يعرف احمد الذي ولد في الاول من شباط لعام 1997 فهو انسان خجول وقليل الكلام لكنه على حلبة التايكوندو يتخلى عن خجله ويقاتل بشجاعة و ثقة و بلا كلام فهو مثل مدربه و ابيه الروحي فارس - الذي سيكمل الـ 35 عاما من عمره في نوفمبر القادم - يؤمنان بـ العمل و الفعل اكثر من الكلام.
فارس الذي يعتبر التايكوندو شغفه وحياته لدرجة انها طالما سرقته من مهنته التي يعتاش منها وهي المحاماة كان دائما يحلم بأن يجلب ذهبية اولمبية للاردن و رغم انجازاته الدولية الكثيرة التي اهلته ليحصل على لقب رياضي العام في الاردن عام 2006 لكنه اعتزل التايكوندو وتفرغ للتدريب لكنه لم يتخلَ ابدا عن حلمه الذي حققه من خلال احمد فاشرف على تدريبه و اعداده منذ كان طفلا صغيرا في مركز الفارس للتايكوندو الي اسسه والد فارس (علي العساف)
و انت في طريقك الى مركز العساف للتايكوندو الذي نال العام الماضي المركز الاول في تصنيف اتحاد التايكوندو الاردني ستواجهك هناك صورة ضخمة وضعها فارس لـ أحمد مكتوب عليها كلمتان فقط من اغنية المطرب الكويتي المعروف نبيل شعيل هما: (ما أروعك).
بعد 36 سنة على اول مشاركة اردنية في الالعاب الاولمبية التي بدأت في المبياد موسكو عام 1980 و بعد 10 اولمبيادات شارك بها 55 رياضيا في 7 رياضات حصل الاردن على اول ميدالية اولمبية رسمية .
هذه الميدالية لم تكن في الحقيقة الاولى للاردن ، لا زلت اذكر حتى اليوم اولمبياد سيئول عام 1988 التي حصل فيها الاردن و بواسطة التايكوندو ايضا على ميداليتين برونزيتين عن طريق سامر كمال و لاعب اخر غاب اسمه عن بالي لكن هاتين الميداليتين لم تدخلا ضمن السجل الرسمي لأن التايكوندو لم تكن انذاك ضمن الالعاب الرسمية في الاولمبياد .
لربما فوجئ الكثيرون بفوز احمد لكن احمد وفارس كان لديهما ايمان مطلق بهذا الفوز عبرا عنه قبل اشهر في مقابلة تلفزيونية مع قناة رؤيا بل ان احمد المح قبل اربع سنوات حين كان لم يزل في الرابعة عشرة من عمره عن حلمه الاولمبي هذا بعد أن تألق في ذلك العام و حصل مثل فارس على لقب رياضي العام ايضا في الاردن لعام 2012 و اطلق عليه من وقتها لقب (ميسي التايكوندو).
حتى منتصف الثمانينيات لم تكن رياضة الجمباز رياضة شعبية في امريكا و كان الذهب في تلك اللعبة دائما يذهب الى رومانيا او روسيا و لكن بعد ان حصلت لاعبة الجمباز (ماري لو ريتون) على ذهبية الجمباز في اولمبياد لوس انجلوس عام 1984 انتشرت اللعبة في امريكا واصبح حلم كل ام و اب امريكية ان تصبح ابنته لاعبة جماز و من وقتها فان الولايات المتحدة هي التي تكتسح مسابقات الجمباز التي اصبحت من الالعاب الشعبية في امريكا.
اليوم ونحن نحتفل بانجاز ابو غوش ارجو ان يكون هذا الانجاز طريقا يمهد لانتشار اكبر للعبة التايكوندو و باقي الالعاب الفردية وارجو أن يؤدي هذا الفوز الى زيادة اهتمام الجهات المعنية بهذه الالعاب التي لا تتطلب مصاريف عالية مقارنة بالالعاب الجماعية .
بدون الامعان في السلبية و بدون اجترار النقد، لابد لنا أن نشكر اللجنة الاولمبية الوطنية التي وفرت كافة الظروف لـ احمد حيث شارك في السنتين الماضيتين ب 6 بطولات دولية وثلاثة معسكرات.
الاردنيون سيخرجون بالالاف لاستقبال احمد ابو غوش و مدربه العظيم فارس العساف ، وانتم تحملون صور احمد وفارس لا تنسوا أن تجلبوا معكم اسطوانة تضم اغنية شعيل (ما أروعك)، هذا سيفرح فارس و احمد و يهمنا أن نسعدهما مثلما اسعدانا هما بهذا النصر .