دائما في خطابات واحاديث جلالة الملك نتوقع مطالعة ما يبعث على الثقة والاطمئنان، وبما يخص بشكل مباشر المصالح الوطنية الاردنية، وليس هناك أكثر من الصراحة والمكاشفة التي تلامسها في الحديث الصحفي لجلالة الملك مع الزميل محمد حسن التل رئيس تحرير الدستور.
حديث الملك محمل برسائل عديدة شديدة الصراحة، ابتداء من الحزم بمسألة الاصلاح السياسي التدريجي، والالتزام بقواعد التغيير الذي يقوده « المواطن «، وهي» العبارة الدافئة « التي قالها جلالة الملك وقرنها بما يتعلق باستحقاق الانتخابات النيابية.
وبالتأكيد لا يخفى على أحد حجم الاعباء التي تكبدها الاردن جراء اللجوء السوري، والدور الانساني العظيم الذي بذله في احتضان الاخوة السوريين، وموقع الاردن الريادي « الحكيم والرشيد « والحيادي بالتعامل مع ازمات المنطقة بدءا من العراق ومرورا بسوريا والحرب على الارهاب.
وهذه من الاسرار التاريخية العميقة: لعقلانية وحكمة ورشد السياسية الاردنية في التعامل مع ازمات الجوار العربي، فالاردن كما جاء في حديث جلالة الملك يعيد « هندسة امنه الوطني «، عبر قرار اغلاق المناطق الشمالية والشمالية -الشرقية، باعتبارها مناطق عسكرية مغلقة.
الاقليم الملتهب بالصراعات والحروب، كان محط استشراف حديث جلالة الملك، وحمل رسائل أخرى شديدة الوضوح إزاء موقف الاردن من الحل السياسي للازمة السورية، والالتزام الوطني الاردني بمحاربة الجماعات الارهابية، وتوجيه مزيد من الزخم السياسي إزاء مخاطر الارهاب على دول الاقليم والعالم، وهي رسائل تحذيرية استباقية سبق أن وجهها جلالة الملك الى زعماء وشعوب العالم.

حديث جلالة الملك عن مستقبل الاردن القريب والبعيد يبعث على التفاؤل بكل الاتجاهات الزمنية، ويبدو أن ثمة متسعا عن حديث مختلف يبشر ببزوغ زمن سياسي جديد ما بين استحقاق الانتخابات النيابية ومجالس اللامركزية والبلديات، وهي حقائق واقعية منبثقة عن ارادة وطنية تاريخية في بناء ادوات الاصلاح والتغيير في البلاد.

بعد الحديث الملكي فان كل الاسئلة الصعبة والمحيرة يمكن القول إنه تم تنحيتها جانبا، سواء ما كان يتعلق بملفات وقضايا محلية واقليمية تتشابك مصالح الاردن بها، وهو ما يتضح في حديث جلالة الملك الموسوم بالصراحة والمكاشفة والهدوء عن الاردن الان ومستقبلا، أو كان دفاعا عن حلم الاردنيين بالوطن الذي يريدون.

الدستور