لتجنب ازمة اقتصادية قادمة
02-09-2008 03:00 AM
تقرير البنك المركزي الدوري للشهر الماضي يظهر ان رياحا تهب بما لا تشتهي السفن. فقد ازداد التضخم بنسبة 7,1% خلال السنة المنصرمة فوصل حاليا الى مستوى ال 13,2%. النمو في الناتج المحلي الاجمالي بالمقابل بدا بالتباطؤ لينخفض من 5,9% في الربع الاول من 2007 الى 5,3% لنفس الفترة من 2008. اما بالنسبة للتسهيلات البنكية فقد ارتفعت خلال النصف الاول من 2008 بنسبة 14,3% عن مستواها لنفس الفترة من عام 2007. المهم ملاحظة ان الازدياد في نمو التسهيلات البنكية هو ازدياد حقيقي حيث انه غير مغطى بارتفاع مماثل في نسبة الودائع البنكية و التي ارتفعت فقط بنسبة 9,9% لنفس الفترة.
من الواضح ان المؤشرات المذكورة انفا متوازية مع تلك التي سببت لبلدانها ازمات اقتصادية خانقة. فتنامي التضخم و تباطؤ النمو و ترافق ذلك مع اضطراد التسهيلات البنكية هو ما يظهر جليا في تقرير المركزي الاخير, و هو نفسه ما ظهر في ارقام و احصاءات امريكا و بريطانيا قبل وقوع اقتصاداتها ضحية لازمة الرهن العقاري مؤخرا.
لتجنب هكذا ازمات يصبح ضروريا ضبط ايقاع المؤشرات الاقتصادية المحلية المتعلقة بالتضخم و الركود و النمو المتسرع التسهيلات البنكية. المشكلة ان ضبط ايقاع التضخم و الركود ليس ميسورا على المدى المنظور. فالتضخم و الكساد محكومان لدرجة كبيرة بعوامل خارجية كغلاء النفط و السلع الغذائية بالاضافة الى النمو المتباطئ للاقتصاد الامريكي و الذي بدا يجر الاقتصاد العالمي معه الى ردهات الركود.
لذلك, فان الجهد الممكن بذله في هذا الاطار يتمثل بالحد من النمو المتسارع للقروض البنكية خصوصا اذا ما اخذ بعين الاعتبار ان هذا التسارع لم يترافق مع نمو مقابل في الاقتصاد الكلي. غياب هذا الترافق يؤشر على تعاظم احتمالية تعثر القروض نظرا لما يعنيه تباطؤ الاقتصاد من انخفاض لملاءة المقترض المالية و قدرته على السداد. بالاضافة الى ذلك, فان ضطراد نمو التسهيلات البنكية دون وجود ما يغطيه من نمو مقابل في الاقتصاد يشير الى اتجاه القروض الممنوحة نحو تغطية الاحتياجات الاساسية للمقترضين عوضا عن مساعدتهم في دفع مستواهم المعيشي و بالتالي اقتصادهم الكلي نحو الانتعاش. و لذلك, فان استخدام الادوات النقدية في المدى المنظور للحد من تعاظم نمو التسهيلات البنكية لن يكون له غالبا, كما يدعي البعض, اثر عكسي على نمو الاقتصاد الاردني.
خطا البنك المركزي خطوة بالاتجاه الصحيح عندما رفع من نسبة الاحياطي الالزامي على ودائع البنوك. الا ان هذه الخطوة على ما يبدو لم تكن كافية لوقف التعاظم المتواتر و المقلق لحجم التسهيلات البنكية الممنوحة. فتقرير المركزي الاخير بين ان حجم التسهيلات البنكية حافظ على تعاظمه حتى بعد تلك الخطوة. الاقتراح اذا ان يبادر صناع السياسة النقدية بخطوات ضرورية لتجنيب الاقتصاد الاردني مغامرة هو بغنى عنها.