الحديث عن شيء جميل يحمل مديحاً يمس الحكومات العربية ، كان يُشعر المستمع لفترات طويلة مضت وما زالت عند البعض ،بأن المتحدث مُنافق، وذلك لأن لغة العسكرة فرضت على الكثير من الشعوب العربية ،الذين كنا نسمعهم ينشدون "يا ويا "، ولم نكن نميز كلمة حق واحدة سوى بعد حرب العراق الأخيرة، حيث لم نشاهد من تلك الملايين أي روح تفدي فلان أو علان .
في الأردن كان العالم يوقن محبة الحسين رحمه الله في قلوبنا ،لأنهم أحبوه مثلنا و في عهد الملك عبد الله اختلفت اللغة،فجلالته رفض الكلام المنمق الذي يضيع الفحوى بخطابات لا تقدم ولا تؤخر كما أشار سميح المعايطة مرة أنه حضر لقاء انتقل من محور التحدث عن هموم محافظة إلى خطابات لم تنقل هماً واحداً.
قد يكون السبب في أن حب الوطن والحاكم كان يصادر لفئة معينة ، يعرف الناس أنهم يقبضون ثمن المحبة تلك .
وولوجاً لمحور الحديث، فقد دعاني المركز الأردني للأعلام بمعية الدكتورة المتألقة دوما رولى الحروب والكاتب ماجد الخواجا للحديث عن خطاب الملك أمام الكونجرس الأمريكي، وتوجهنا إلى منطقة الشونة الجنوبية القريبة من قرية الكرامة التي صدت لأول مرة في تاريخ العرب عدوانا صهييونيا.
شعور وطني جميل جداً انتابني وأنا أحي الجندي المجهول، وأدخل إلى القاعة ، فأنا لم أتلقى أي كلمة لما سوف أتحدثه، والحمد لله أني لست متحدث مأجور، وتوجهت مفتخراً لأني أقتنع تماما بل من أكثر المتحمسين لترويج و وتوضيح القيمة التاريخية للخطاب التاريخي.
هناك المشهد كان عجيبا وقلب الحال لعربي ، وكنت أتمنى لو أن المركز استضاف بعض مؤسسات الحرية والفكر لتشاهد الانقلاب العربي .
فالدكتورة الحروب لها كتابتها وفكرها الخاص، الذي لا ينسجم مع الطرح الحكومي وخاصة في المواقف السياسية، وماجد كاتب معارض ، وأنا لا أعتبر نفسي معارضا بقدر ما أعتبر نفسي كاتب حر أتمتع بمدح كل ما هو فعال ومنتج ،وناقد للتصرفات الحومية التي تبتعد عن مصلحة الشعب ،لأن هذا ليس معارضة وحسب بل شرف نحمله في أعناقنا عندما ندافع عن قاضيا الفقراء من شعبنا، ومع ذلك فأن المستمعين لنا كانوا هم الحكومة.
تخيلوا هذه المعادلة الشعب في دولة حرة لا تعرف لغة القمع ، ودون أي عرض مادي أو تطلب بلغة القوى يتوجه ثلاثة من أفراده، ليتكلموا وينشروا فكر ملكهم الرائع، والشجاع، ومن يدير النوى الكاتب المعارض كامل نصيرات، أما المستمعون فهم، محافظ البلقاء ومدير الشرطة ومتصرف الشونة الجنوبية ورئيس البلدية وحضور كريم من النخبة الذين شرفونا بحضورهم وهم من المشرفين التربويين وبعض لمثقفين والأساتذة الجامعين .
الحمد لله لم نمدح ونقدم الأرواح، لنحول الحديث لكلام إنشائي، ، فقد كان الخطاب يحمل بعدا فكريا وتاريخيا عميقا تعدى كل ما فشلت فيه وسائل الأعلام العربية لإيصال الرأي العربي المرحب بالسلام، الخطاب الملكي وشخصية الملك التي صرنا نفتخر بها بكل موقف لا تحتاج لأي مديح ، فكل موقف تذكره لجلالته هو مديح ، وثناء حقيقي يؤمن فيه المبغض عن المحب.
نعم سمعتنا الحكومة ،لأن الخطاب يمثل الروح الوطنية الحقيقية وحمل الطرح الذي يتمناه كل عربي وفلسطيني، الملك قال عنا كلنا ،لن أصمت بعد اليوم، ولا للغة العسكرة ، ولا للدماء التي تذهب هدرا، لا لموت المجاني، والقضية الفلسطينية هي المحور المركزي، لأي حل عربي .
ذهبنا ونحن نفتخر بأننا سنتحدث بما نؤمن ، ودفع ماجد الخواجا بنزين سيارته من جيبه، وما تحدثنا عنه جعل مندوبة إذاعة عمان نت ، تطلب منا إعطائها حديث مختصر ،أليس هذا حصاد الديمقراطية والموقف الرسمي الشريف ،عندما تعقد ندوة عن خطاب الملك ، وبكون المتحدث لوسيلة إعلامية غير المحافظ أو المسؤول الأمني، أو الكتاب القابضين مسبقاً.
صدقوني تحدثنا بكل حرية وكأننا في اجتماع في مجمع النقابات، هاجمنا العسكرة الأمريكية وفكر بوش المتطرف عقيديا، ودافعنا عن دول الاعتدال ، ونبذنا العنف الغير مبرر أمريكيا قبل العربي، وطالبنا بإحياء السلام المحنط.
نعم لقد حرم الكثير في دولنا العربية من الشعور الوطني الحقيقي النابع من الفؤاد والضمير ، وذلك كله بفضل الحرية وملك يحمل على عاهله شعبه في صحرائه وقراه ومخيامته ويحمل الهم العربي من فلسطين إلا العراق وحتى لبنان .
ودامت الحرية والانتماء الحقيقي للشعب الأردني الذي كان وسيظل يقدم المواقف الشريفة والبطولية في كل موقف عربي وعالمي ويفتح أرضه دوما للاجئين من فلسطين والعراق وكل البقاع لأن الأردن هو أرض شعب النشامى التي تشرفت بحكم ملوك يملكون خير سلالة .
Omar_shahen78@yahoo.com