هل من سلام سوري - إسرائيلي عبر بوتين ؟
رجا طلب
15-08-2016 01:23 AM
كانت ومازالت زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لروسيا ولقائه الرئيس بوتين القضية الأكثر حضورا وتفاعلا في الإعلام وفي دوائر صنع القرار على مستوى العالم على مدى الأسبوع الماضي ، فالزيارة كانت مثيرة لأكثر من سبب ومنها :
أولا : إن الزيارة جاءت بعد تصميم غير مسبوق من قبل بوتين على الاعتذار التركي عن إسقاط الطائرة الروسية ، وبعد تمنع تركي كان في البداية مشبعا بروح القوة والندية ثم هبط إلى درجة الرغبة بالتفاهم ، وانتقل بعد ذلك لحالة التوسل و الطموح فقط بإجراء اتصال مع بوتين لتوضيح أمر ما جرى وهو سلوك أثار استغراب الجميع من أصدقاء اردوغان إلى أعدائه .
ثانيا : إن اردوغان استبق الزيارة بحركة دبلوماسية علنية وسرية كان يستهدف من ورائها إظهار أن نظامه السياسي لم يعد متمسكا بقواعد الاشتباك السياسي والعسكري السابقة وانه بات ينتهج نهجا جديدا ومن نتائج هذا التوجه قيامه وبرزمة ثقيلة وكبيرة من المصالحات مع إسرائيل وروسيا واليونان .
ثالثا : الليونة المثيرة للجدل في زيارة سانت بطرسبورغ وتقديم الاعتذار « للقيصر الروسي « باللغة الروسية وليس الانجليزية أو التركية وهو شرط شخصي اشترطه بوتين إمعانا في إذلال اردوغان .
لهذه الأسباب وغيرها كانت تلك الزيارة مثار جدل في الأوساط السياسية ، وفي المحصلة فان القاعدة الأولى في علم السياسة تقول أن العلاقات بين الدول هي علاقات مصالح بالدرجة الأولى .
ففي العلاقة المصلحية المباشرة فان تركيا باتت على وشك إعادة مصالحها الاقتصادية مع روسيا والتي تصب صافيا في الاقتصاد التركي بما يقرب من 15 مليار دولار سنويا عدا عن الفوائد الاقتصادية المهولة المتأتية من أسعار الغاز الروسي المتدنية الثمن قياسا بالسعر العالمي والتي يعتمد عليها الاقتصاد التركي بصورة أساسية .
من الأبعاد الأخرى لتطبيع العلاقات بين « القيصر « و « السلطان « حسب التعبير الدارج هذه الأيام هي تلك النتائج الإقليمية المترتبة على ذلك التوافق الثلاثي بين روسيا وإسرائيل وتركيا ، فهذا التوافق ينذر بإمكانية بناء أجندة جديدة للإقليم ، العرب ليسوا جزءاً منها ، وأساس هذه الأجندة هو الحل في سوريا ووقف التنافس الإقليمي على أرضها والعمل على تحقيق توازن مصالح بين الأطراف الثلاثة .
يعتقد صديق لي وهو اقتصادي وازن ويملك علاقات سياسية متينة عربيا وإقليما ودوليا ، ان بوتين بات مؤهلا للقيام باختراق سياسي مهم للغاية ليس في القضية السورية فحسب بل في الملفين السوري والإسرائيلي ، ويعتقد الرجل أن روسيا وبحكم وضعها السياسي والعسكري في سوريا وتوافقها الجديد مع تركيا بشان سوريا والإقليم وعلاقاتها المتميزة مع نتنياهو باتت قادرة على « صناعة « صفقة سياسية مهمة ونوعية في الموضوع السوري الداخلي والموضوع الإقليمي ، بمعني بقاء الأسد مقابل السلام مع إسرائيل .
ويذهب الرجل إلى ما هو ابعد من ذلك ويقول ما يلي : الأتراك لم يعد لهم مشكلة مع إسرائيل فهم طبعوا واعتذروا لها ، أما إسرائيل فهي تثق تماما ببوتين .
وعند سؤالي له عن إيران وموقفها أجاب باستهجان ما نصه « هل تعتقد أن إيران جادة بمواجهة إسرائيل ؟
وأجاب قائلا : إيران بدأت التصالح مع الشيطان الأكبر وإسرائيل منذ إسقاط نظام صدام حسين في 2003 ، واليوم إيران تواصل التفاهم والتصالح في الاتفاق النووي وتنفيذه .
وعندما حاولت إحراجه بالسؤال عن مدى ثقته بهذا السيناريو أو المعلومات أجابني وبلا تردد : هي السياسة ليس هناك أعداء دائمون وليس هناك أصدقاء دائمون .
ولكنه حمى تلك الإجابة المتسرعة بالقول « بوتين بات اللاعب الأهم في المنطقة ، وسوف اكشف لك سرا وهو أن بوتين يتمتع بعلاقات مميزة للغاية مع نتنياهو وان هذا الأخير يخطب قلب الرئيس الروسي من خلال الحديث معه باللغة الروسية التي يجيدها نتنياهو .
لربما يكون عنوان مقالي التساؤلي فنتازيا اكثر من اللازم ولكن في كل الأحوال علينا التعلم من النظرية القائلة بان السياسة هي عالم « بلا قواعد و بلا أخلاق «
الراي