لا يمكن أن يقاد الشباب الى العمل المهني بالسلاسل بل بالحوافز , والحوافز هي قيمة إجتماعية ودخل جيد.
لتشجيع الطلبة نحو التخصصات المهنية , إختارت وزارة التربية والتعليم عتبة إمتحان الثانوية العامة , فحددت الوزارة سقفا لنسبة النجاح العامة دون أن تلاحظ أن الإتجاه الى التعليم والتدريب المهني لا زال ضعيفا ودون أن تلاحظ أيضا أن أكثر من عشرين جامعة أهلية بإستثمارات ضخمة تركت بلا طلبة وغياب التخطيط الإستراتيجي هنا يتضح جليا بآمال أن تجد هذه المعضلة حلا في النصف الثاني من السنة الدراسية وأن يصحح الخطأ نفسه بنفسه عل وعسى أن تتمكن هذه الجامعات من جذب طلبة من الخارج .
المسألة إذا تترك للصدفة في الحلول والآمال في التوقعات وهذا ما جعل الخلاف بين وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي يخرج الى السطح وعبر الإعلام .
عتبة التوجيهي بالنسبة لوزارة التربية والتعليم هي المعيار وبالنسبة للتعليم العالي مقاعد الجامعات الفارغة التي لا تجد طلبة يشغلونها ومجلس تعليم تشبيكي لا يقوم بدوره في التخطيط .
من قال أن صاحب معدل 90% يجب أن يكون طبيبا ومهندسا , ومن قال أن صاحب معدل 70% يجب أن يذهب الى العمل المهني ؟...
هذه معايير مشوهة يصنف الطلبة فيها بين فاشل لا يستحق الا أن يكون حرفيا بمرتبة أقل أو متفوقا لا يكون الا طبيبا بمرتبة عالية وذلك كله بفضل عتبة إمتحان الثانوية العامة .
لو أن من إختار العمل المهني بملء إرادته يتمتع بذات المرتبة الإجتماعية والمادية للطبيب أو المهندس , لما إستنزفت العائلات كل ما أوتيت من قوة ووسائل ضغط من أجل أن يظفر أبناؤها بمعدل يجعل منهم أطباء حتى لو كان ذلك من دون رغبة أو تمتع بكفاءة نفسية وعقلية وجسدية ولأصبح العمل المهني طموحا يراود حتى أصحاب المعدلات العالية .
عندما لا يصبح هناك فرق في المكانة الإجتماعية أو المادية بين الطبيب والحرفي يصبح التعليم المهني رغبة حتى للمتفوقين من الأكاديميين وليس مكانا للكسالى والمخفقين .
ربط معيار العلامات المتدنية بالتعليم والتدريب المهني ليس حافزا لتشجيع الطلبة للتوجه اليه, فالحافز هو رفع شأن هذه المهن دخلا وقيمة إجتماعية تغري المتفوقين ولا ترغم الفاشلين على إرتياده .
وزير التربية والتعليم يدافع بقوة عن نتائج إمتحان الثانوية العامة فهو يرى أن في ذلك أسلوبا صحيحا لإعادة الهيبة للإمتحان حتى لو كان الثمن رسوب أو «ترسيب» أعداد كبيرة من الطلبة بفارق علامة واحدة , وهو يعتقد أن هذه هي الطريقة الصحيحة لخلق جيل يتجه الى العمل والتدريب المهني , لكن هل ذلك حقا هو الصحيح ؟
الإجابة على هذا السؤال لا يجب أن تترك لإجتهاد وزير أو وزارة بل تحتاج الى عصف إجتماعي وسياسي وتعليمي بفضاء واسع وتفكير إستراتيجي حتى لا يكون الأمر كمن يكسر هنا ويجبر هناك كما في المثل الشعبي .
الراي