حكومة الذهبي .. الأجندة القادمة
د.محمد المومني
02-09-2008 03:00 AM
كنا قد تحدثنا في مقال سابق نشر يوم الجمعة الماضي عن بعض الاختراقات السياسية لحكومة الذهبي، وأكدنا ان قرارات ايقاف بعض العطاءات جاء بسرعة وحزم كافيين اراح عموم المواطنين الاردنيين وزاد من رصيد الحكومة الشعبي بدرجات كبيرة حتى باتت حكومة جديرة بالثقة النخبوية والشعبية، وهو امر لم يتحقق من امد طويل في السياسة الاردنية. وسجلنا اعجابنا ايضا بقرار تعيين الاسرى وقرأناه كمناكفة سياسية ذكية لاسرائيل التي استفزت الدبلوماسية الاردنية بعدد من القرارات، مثل اعطاء رفات اردنيين لحزب الله، ومزاحمة الاردن على ادارة المسجد الاقصى.
بهذا تكون حكومة الذهبي قد راكمت رصيدا سياسيا واجتماعيا يعطيها تفويضا للقيام بدور تغيري كبير قد يوصف "بالفاتح" في العديد من الملفات، وان تتجاوز سقف الطموح الذي عرّف وجود الكثير من حكوماتنا بالسابق، التي كان لسان حالها يقول ومنذ يومها الاول "اللهم حسن الختام".
في الشأن الداخلي حكومة الذهبي معنية بإكساب مؤسسات منظومة الشفافية مصداقية، ومؤسسية، وان تخرجها من زاوية السخرية التي تكونت عنها في اذهان المواطنين. الظروف الاقتصادية الصعبة تجعل امر الشفافية وتجاوزه غاية في الحساسية، وهنا نؤكد ان سيف الحكومة يجب ان يكون اسلط على كوادرها وموظفيها، حتى تمتلك القدرة على فتح هذا الملف الحساس مع مؤسسات سيادية اخرى، وعلى الحكومة ان تدرك ان تعدد المرجعيات الدستورية تم قبوله نسبيا من قبل بعضنا بعد ان تم فقدان الثقة بشفافية البيروقراطية الاردنية الكلاسيكية خاصة عندما يكون قادة بعض اهم اجهزة الدولة معروفين بانعدام شفافيتهم وتصبح قصص تجاوزاتهم حديث صبية الاردن قبل كبارهم.
الحكومة معنية ايضا بزيادة وتيرة العمل بشكل مكثف يفوق بأضعاف ما هو عليه الآن، لأننا بدأنا نسمع ما كنا نسمعه عن حكومات سابقة من انها لا تعمل وبالتالي فلا داعي لبقائها.
نعلم تماما ان اكبر ميزات رئيس الحكومة الحالي كثافة عمله او "ادمانه على العمل"، ويشهد له بذلك من خدموا معه في السابق بمن فيهم ضباط سلاح الجو الملكي. ولكننا نريد ان نذّكر ان حجم العمل المطلوب الآن يفوق بإضعاف ما كان مطلوبا بالسابق، والعمل الذي نتحدث عنه ذلك المقرون بالنتائج. وبصراحة نقول اننا في كل مرة نرى الرئيس يفتتح معرضا او يزور مؤسسة غير هامة نشعر بالقلق من ان اجندته لا يوجد عليها ما هو اهم من ذلك، ومع ادراكنا ضرورات الحضور السياسي للرئيس، فإننا لا زلنا نريده فائضا او اضافة لجدول اعمال الرئيس وليس جزءا اصيلا منه.
وفي تعدد المرجعيات وتبعثرها الدستوري، نريد لهذه الحكومة ان تأخذ المسار العالي او السامي بأن تنفتح على كل المؤسسات التي تمتلك ملفات الاصل بها انها عهدة للحكومة وتشترك مع هذه المؤسسات بإدارة هذه الملفات. وعلى الحكومة ان لا تنسى انها قادرة على نسف او اعادة التخطيط لكل ملف تنفيذي خارج حدود سيطرتها الآن، لكن هذا يجب ان يأتي بمرحلة متأخرة وبعد ان تكون محاولات التفاهم او التشارك قد تم استنفاذها.
اما في ملف الخلاف مع اسرائيل، فلا بد من مزيد من الحذر والاستعداد، وهذا يتم اولا من خلال تحييد او ضم الحليف الاميركي والاوروبي لجانب مواقفنا حتى نفوت الفرصة على ضغوط دولية نكاد نراها قادمة. ولا بد ايضا من عدم التصعيد السياسي الا اذا كانت نتائجه محسوبة جيدا.
يجدر التذكير هنا ان مطلب المجتمع الدولي واسرائيل بات واضحا أي دور اردني في الضفة، وهو الامر الذي يعتبره الاردن خطا احمر، لذا وجب على الحكومة والدبلوماسية الاردنية ان تبدأ بالاستعداد لمرحلة مواجهة هذه الضغوط وتطوير آليات رد واقتراح مقابلة بما في ذلك اقتراحات وسيطة توائم ما بين ما يريده المجتمع الدولي، وما هو ضروري للمصالح الاردنية العالقة. ويبدو ان تفويضا من جامعة الدول العربية وبطلب من الفلسطينيين سيشكل الحد الأدنى من المطالب التي يجب أن يضعها الأردن على طاولة التفاوض حول دور له في الضفة.