قمة بوتين - أردوغان .. الاقتصاد يهزم السياسة!
رجا طلب
12-08-2016 07:01 PM
وجد أردوغان نفسه في بحر متلاطم من الخلافات والمشاكل بسبب "سياسة أخونة المنطقة"
لم يكد رئيس الوزراء التركي السابق داود اوغلو من البدء بتنفيذ نظريته السياسية المسماة "تصفير الخلافات" عند توليه حقيبة وزارة الخارجية في عام 2009 حتى بدأت تركيا الغرق في مستنقع الإقليم ومشكلاته وتحديداً مع بديات ما سمي"الربيع العربي" وبخاصة في مصر وسوريا بسبب الطموح السياسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
أفشل هذا الطموح "الأردوغاني" نظرية أوغلو"، وأصبحت تركيا جزءاً من المشكلة في سوريا، وعقدة كبرى في الأزمة المصرية زمن الإخوان ، وهي الآن في حالة عدائية مع أكبر دولة عربية ألا وهي مصر، وهو الأمر الذي أدخلها في خلافات مع عدد من الدول العربية الأخرى بسبب العداء للنظام المصري الحالي والاستمرار في دعم جماعة الإخوان المسلمين .
مع دخول تركيا ساحة التنافس الإقليمي وتبنيها "لسياسة أخونة الربيع العربي" وبخاصة في سوريا وجدت نفسها في حالة خلاف قوي مع جارتها إيران وفي حالة عداء شديدة مع حليفتها الاقتصادية الكبرى روسيا وهو العداء الذي وصل ذروته قبل سبعة شهور عند إسقاط الطائرة الروسية من قبل الجيش التركي، هذا عدا القطيعة التي حصلت مع إسرائيل بسبب حادثة الاعتداء على الباخرة التركية "مافي مرمرة" التي كانت تهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة .
فجأة وجد أردوغان نفسه في بحر متلاطم من الخلافات والمشاكل بسبب "سياسة أخونة المنطقة" والاستمرار في الاستثمار بحركة الإخوان كذراع تنفيذي لطموحاته المتمثلة في "عثمنة" الإقليم وإعادة أمجاد الخلافة العثمانية بنسختها الجديدة، وهي الطموحات التي تكسرت بسبب سقوط حكم الإخوان في مصر، وعدم سقوط الحكم في سوريا وبقاء بشار الأسد في سدة الحكم .
لقد انعكست خارطة الخلافات تلك بصورة مباشرة على الاقتصاد التركي وتحديداً الخلاف مع روسيا الذي يقدر الخبراء الاقتصاديون بأن الضرر المباشر للاقتصاد التركي بسببه قد يتجاوز 12 مليار دولار حتى نهاية هذا العام، وهناك معلومات تتحدث عن أن خطوة التطبيع مع روسيا جاءت بفعل الضغط الشديد الذي مارسه قطاع رجال الأعمال والصناعيين على أردوغان من أجل إعادة العلاقات الاقتصادية مع روسيا إلى سابق عهدها .
كما حذر خبراء الطاقة الأتراك الرئاسة التركية من خطر تأثر إمدادات الغاز الروسي لتركيا والذي يعد مصدر الطاقة الأول الذي يحرك عجلة الصناعة في تركيا، ومن تعثر أو توقف المشاريع المشتركة بين البلدين في مجال الطاقة وبخاصة الغاز، ففي العام 2015 زودت روسيا الجانب التركي بـ26,9 مليار متر مكعب من الغاز، أي ما يعادل 55٪ من احتياجاتها، وفي الأشهر الأربعة الأولى من 2016، بلغ حجم الشحنات 8.1 مليار متر مكعب، أي 49٪ من احتياجات تركيا.
هذا عدا مشروع "السيل التركي " والذي يهدف إلى نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر قاع البحر الأسود إلى البر التركي لينتهي عند الحدود التركية اليونانية، حيث سيبلغ طول هذا الخط نحو 1100 كم، كما يهدف لنقل نحو 47 مليار متر مكعب من الغاز للحدود التركية مع اليونان لتصديره إلى أوروبا، وهو مشروع حيوي للغاية سيعود بالفوائد الاقتصادية الضخمة على تركيا.
قمة بوتين – أردوغان نجحت بصورة واضحة في التأكيد على المصالح الاقتصادية المشتركة والتي سيكون من شأنها "تحييد الخلافات السياسية" وفصلها عن "التحالف الاقتصادي" ، فقديماً قال كارل ماركس مقولته الشهيرة "السياسة اقتصاد مكثف"، وفي المثال الروسي- التركي هزم الاقتصاد السياسة وبجدارة .
24