لماذا التقى اردوغان بوتين؟!
ماهر ابو طير
12-08-2016 12:10 AM
كثرة تشمت بزيارة الرئيس التركي الى روسيا، ولقائه الرئيس فلاديمير بوتين، باعتبار ان السلطان انتهازي ولاتهمه الا مصالحه، والتعليقات اغرقت الدنيا، سخرية وشماتة.
لكن في السياسة، القصة يجب ان تكون مختلفة، ومن الطبيعي جدا، ان يتخذ اردوغان خطوة من هذا القبيل، تعبيرا عن موقف من جهة، وتعبيرا عن تحولات في السياسة التركية، فلايمكن لاي سياسي، الا ان يكون براغماتيا، والا تحول الى مجرد ذكرى، وسط عالم يحفل بالتقلبات والتغيرات كل لحظة.
زيارة اردوغان ولقاء بوتين، خطيرة جدا من حيث دلالاتها، وستؤدي خلال الفترة المقبلة الى اشتداد الحرب على اردوغان وحزبه، من جانب قوى محلية تركية وعربية وغربية.
الزيارة جاءت اولا لعدة اعتبارات، فالرئيس التركي استشعر ان اوروبا واميركا ودول في المنطقة تريد الاطاحة به وبحزبه، لاعتبارات مختلفة، واغراقه في ازمات مختلفة، اقلها الاشتباك مع داعش، والاكراد، ودويلة غولن في تركيا، اضافة الى تخريب علاقات تركيا كليا مع روسيا وايران، والهدف اخراج تركيا من لعبة التأثير.
منسوب الشماتة والتردد امام الانقلاب في تركيا، اثبت ان دولا كثيرة، كانت تريد للانقلاب ان يتم، هذا فوق ان واشنطن ترعى خصم اردوغان، اي غولن، وتبارك الانقلاب فعليا، بشكل غير مباشر، واردوغان ذاته الذي توترت علاقات بلاده مع الروس اثر قصف الطائرة الروسية اكتشف بكل بساطة انه بلا حلفاء، ما يفسر الرسالة الاعتذارية، تجاه الروس، فيما الزيارة جاءت بعد قصة الانقلاب، وماتردد عن تنبيه روسي لاردوغان قبيل الانقلاب- وهي قصة لم تؤكد رسميا- وكل هذه العوامل اضافة الى التراجعات الاقتصادية التركية بعد تضرر العلاقات مع موسكو، لعبت دورا في خظوة اردوغان الالتفافية.
لكن هل سوف تسعى اميركا واوروبا، الى محاولة استرجاع ارودغان الى الحضن الغربي، مع هذه التحولات، والمخاوف الكبيرة في اوروبا، من فتح باب جهنم التركي، عبر مساعدة اللاجئين المقيمين في تركيا للتدفق والتسلل الى اوروبا،وهذا هو السؤال الاهم، خصوصا، مع تهديدات الاتحاد الاوروبي لتركيا بوقف التفاوض على دخول الاتحاد، من باب التحذير المبطن كي لاتلعب تركيا بورقة اللاجئين، وهو تحذير مثير للغثيان، فذات الاتحاد الاوروبي لم يستطع ان يمنع بريطانيا من الخروج، حتى يهدد طرفا يرغب بالدخول، وكان الاولى ان يحافظ على ماعنده اساسا؟!.
زيارة اردوغان الى روسيا، ثأرية وانتقامية، وفيها اعادة ترتيب للاوراق، لكن ارودغان ذاته سينتظر نتائج هذه الخطوة، لعل اوروبا واميركا وبعض العرب، يعودون عن نياتهم السيئة تجاه حقبته، والروس ايضا، يعرفون هذه الحقيقة، وربما يأملون ان لاتكون زيارته مجرد تكتيك لاثارة الغيرة، والاغلب انهم سوف يطلبون مؤشرات عميقة قوية وصلبة، تثبت ان التحول التركي، ليس مجرد تكتيك.
هذا يعني ان علينا ان ننتظر الفترة المقبلة، لنعرف اذا ماكانت تركيا اقتربت حقا، بشكل فعلي ونهائي، من معسكر روسيا- ايران- سورية- حزب الله، ام انه اقتراب تكتيكي، لغايات محددة، وذات الروس لن يقبلوا ان يتم توظيفهم في لعبة خلط الاوراق من جديد، ويريدون من الاتراك اقترابا فعليا، يترك اثرا واضحا على الملف السوري، بما في ذلك تحسين العلاقات مع دمشق، ووقف ادخال المقاتلين والاسلحة الى سورية، وغير ذلك من تحولات يفترضها الروس لتعميد العلاقة فعليا مع الاتراك.
في تحليلي ان ارودغان حقق غايتين من زيارته، الاولى تكتيكية، لاثارة حنق الغرب والعرب، والثانية، سنراها اذا لم يخضع الغرب لاردوغان ويعيد ترتيب اوراقه مع انقرة، والاغلب اننا بحاجة الى وقت قصير جدأ، لنرى اذا ماكان اردوغان سيحقق غايته الثانية، اي الاتكاء على تحالف اقوى برئاسة موسكو، في حال ثبت استحالة استرداد العلاقة مع اوروبا واميركا بشكلها القديم.
في السياسة لا ثوابت، والتحولات تصوغ السياسة دوما، لكن علينا ان نعرف ان اردوغان بخطوته هذه يريد توزيع كلفة الانقلاب الفاشل على كل الاقليم، والدول الراعية للاقليم، وتحديدا دول الغرب، وهو هنا، يقول ضمنيا، انه سوف يعاقب الجميع.
الدستور