الإقليمية ومعاداة السامية وفن الإخراس
د .حسن البراري
01-09-2008 03:00 AM
برعت إسرائيل في إستعمال مقولة "معاداة السامية" ضد من ينتقد السياسة الأسرائيلية التوسعية. وبالفعل تنجح إسرائيل في إخراس الأوروبيين وتنجح حتى في منع تبلور نقاش عام نقدي في الولايات المتحدة حول دور إسرائيل في المنطقة. والمحاولات القليلة التي برزت في أميركا مثل كتاب كارتر، ومقولات نورمان فنكلشتاين، أنظر الرابط حول فنكلشتاين لمعرفة أراءه في المحرقة (http://www.youtube.com/watch?v=oeVR8xHODxU) وميرشامير لاقت حصارا غير عادي أفقد فنكلشناين وظيفته ومنع ظهور كارتر بمظهر لائق في مؤتمر الحزب الديمقراطي في دينفر.
التجربة الإسرائيلية تتكرر في الأردن ولكن بشكل مختلف. اتهام الإقليمة "معاداة الفلسطينيين" في الأردن لمنع تبلور نقاش عام حول الفساد وحول التغول على الولاية العامة للحكومة لا يختلف نوعا ولا أثرا من تهمة معاداة السامية.
ويبدو أنهم درسوا التجربة الإسرائيلية جيدا ويطبقوها في الأردن بشكل مقزز. على أن النقاش العام في الأردن غير صحي. فنحن أمام معضلة. بعض الكتاب المنتفعين يحاولوا منع فتح ملفات الفساد التي نشم رائحتها على بعد الاف الأميال.
السبب ليس لموقفهم المؤيد للفساد بل لأن الفساد مرتبط بشخصيات من أصول فلسطينية. ونحن مع محاربة الفساد بصرف النظر عن هوية الفاسد. وما أسهل اطلاق الاتهامات جزافا بأن فتح ملف أبو الغيدا (رجل الفوتيك) على سبيل المثال لأنه من أصول فلسطينية. ثم انتقاد جرير مرقة لأنه من أصول فلسطينية، ثم انتقاد باسم عوض الله لأنه من ذات الأصول!! لن أزيد شيئاعندما أقول أن النقد طال شخصيات ذات أوصول أردنية (عبدالهادي المجالي، معروف البخيت، فيصل الشبول............مروان المعشر) وأرشيف الجرائد هو الحكم لمن يريد أن يشكك وبالتالي تسقط الحجة التي تطالب بعدم انتقاد هذه الشخصيات.
وفي معرض الدفاع عن هذه الشخصيات لا ينسى بعض الكتّاب أن يذكرنا أنه ولد في الضفة الأخرى من الأردن، ولكن يتناسى أن الخطاب الوطني الفلسطيني الأصيل هو انفصالي عن الاردن وعن غيره.
وبالمناسبة، لا يعطي مسقط الرأي أي منا ميزة على الآخر ولا يعني مسقط الرأس أن علينا أن نعيد الحدود الجغرافية للأردن أو خلق هوية جديدة للأردن. ما يقلقني ليس الدفاع عن الفساد عندما يكون عناوينه من أصول فلسطينية، لكن التركيز على الوحدة التاريخية بين الضفتين بشكل يحتوي على الاستهبال والسذاجة.
هناك في الأردن من يقول أن الوطن البديل هو أحد النقاط الهامة على أجندة شخصية من أصول فلسطينية متنفذة. ويغذي هذا التوجه ارتباط عددا من الكتاب (علاقة ريعية؟) من نفس ذات الأصول مع هذه الشخصية وبالتالي انبروا، كحصان طروادة، في الترويج للكونفدرالية وغيرها من أشكال الوحدة التي لا تعني الا الوطن البديل وإلغاء الأردن كما نعرفه.
باختصار، لا يوجد فرق بين سلاحي "معاداة السامية" و "الاقليمية" فكلاهما يريد تطويع الواقع لأهداف سياسية واضحة وكلاهما يعبران عن محاولة استغلال سياسي وأيدولويجي لتحقيق منافع سياسية وتاريخية على حساب الواقع.