العيب فيكم يا بحبيبكم اما القانون يا عيني عليه
د. اسامة تليلان
09-08-2016 11:51 AM
د. اسامة تليلان
إشكالات عديدة تبرز كل يوم نقترب فيه من موعد الانتخابات النيابية وفق قانون الانتخاب الجديد الذي اكد مناصروه والقائمون عليه بانه يشكل حالة متقدمة سينقل معها الواقع السياسي للأحزاب والبرلمان ومسار الاصلاح السياسي الى حال افضل. خصوصا ان التأكيد كان على ان هذا القانون صديق للأحزاب وداعما لفرصها.
اما ابرز هذه الاشكاليات فقد دارت حول ما يلي:
- تعثر بناء قوائم حقيقية لها برنامج واتجاه فكري او سياسي او اقتصادي لصالح بناء قوائم شكلية لغايات استكمال المتطلبات القانونية للترشح.
-
- اعادة تركيز الثقل في المكون الاجتماعي ومكون الهوية الدينية وتوابعها على حساب المكون السياسي للأحزاب الوطنية بفعل العوامل التي تتحكم في التصويت في الدوائر المحلية.
- تعثر الاحزاب السياسية باستثناء حزب جبهة العمل الاسلامي من بناء تحالفات حقيقية ومؤثرة لصالح محاولة بناء تحالفات شكلية لن يكون لها تأثير سياسي على نتائج الانتخابات وعلى واقع الحياة الحزبية.
- بروز نزعة نحو عدم المشاركة في الاقتراع لعدة اسباب منها ضعف اداء المؤسسة التشريعية في الدورات السابقة من وجهة نظر الناخبين، ومنها تعقيدات وصعوبات إجرائية يفرضها القانون فضلا عن تناقضه في اطار التحالف والتنافس وذلك وجهة نظر الناخبين والمرشحين، وشعور بعض العشائر والعائلات الصغيرة بالتهميش لعدم قدرتها على المنافسة.
- زيادة تأثير المال في الدوائر المحلية وذلك بسبب صغر حجمها.
اما الواقع السياسي المعروف للجميع والقائم منذ سنوات طويلة والذي تم وضع القانون في اطاره فان اهم ملامحة هي:
- عدم مركزية التصويت للقوائم في ثقافة الناخبين.
- عدم اهتمام الثقافة المجتمعية بالأحزاب السياسية وكذلك عدم اولوية التصويت لها في ظل العوامل التي تتحكم بالتصويت في الدوائر المحلية.
- ضعف غالبية الاحزاب السياسية الوسطية وضعف حضورها في الواقع الاجتماعي.
- تدعم الثقافة المجتمعية التصويت على اسس اجتماعي بالدرجة الاولى وعلى اساس الهوية الدينية وليس البرامج الحزبية، وثالثا على اسس من النفوذ المالي.
في الايام الماضية ظهرت تساؤلات كثيرة حول أسباب هذه الاشكالات التي برزت، وطرحت سؤال هل السبب الناخب أم المرشح أم القانون، ففي حين ذهب صوت للقول ان الافتراضات التي تم بناء القانون عليها لم تكن ملائمة للواقع السياسي ولا تلامس الواقع وبالتالي من الصعب ان يشكل مدخل للتطوير بقدر ما شكلها القانون من مصدر لهذه المشكلات.
فان صوت المدافعين عن قانون الانتخاب الجديد، والذين روجوا لمشروعه وعملوا على تصميه، يقول ان المشكلة ليست بالقانون وانما بالواقع السياسي... بمعنى العيب فيكم يا بحبيبكم اما القانون يا عيني عليه.
الغريب في وجهة النظر الثانية انها تتجاوز حقيقة ان الواقع السياسي قائم منذ العديد من السنوات وملامحه معروفة ولم نستورده بالأمس بعد اقرار القانون، وان الغاية من القانون الجديد تكمن في احد اهم جوانبها تطوير هذا الواقع الراهن. فكيف يكون هو السبب.
جودة القانون ليست فقط بنصوصه وبالأهداف النظرية المرتبطة بكل نوع من انواع النظم الانتخابية.. وانما بقدرته على الانتقال بالحالة الراهنة بخصائصها القائمة على ارض الواقع الى الحالة الجديدة المطلوبة بحيث يتماشى مع جزء منها ويعمل بنفس الوقت على احداث نقلات ايجابية باتجاه الحالة الجديدة او الاهداف المراد تحقيقها. تصميم النظم الانتخابية في حالات التطوير مختلف تماما عنه في حالات الحفاظ على الامر القائم.
وبخلاف ذلك فإننا امام معادلة تقول ما يلي اما ان يكون الواقع السياسي قد تشكل بعد اقرار القانون واما ان يكون القانون غير ملائم لتطوير هذا الواقع السياسي، وانه ربما كان من الاجدى البحث في بدائل اخرى اكثر قدرة على هذه المهمة.
لان المخرجات المتوقعة للقانون الجديد تشير بصورة مرجحة الى عودة تركيبة البرلمان في التسعينيات بفارق مشاركة المرأة بفعل الكوتا، ونزاهة العملية الانتخابية كما هو مفترض، اما عودة مشاركة جبهة العمل الاسلامي للمشاركة فلم تكن بفعل القانون الجديد، بقدر ما كانت لأسباب سياسية خاصة بها، فالجبهة عارضت القانون مع ائتلاف الاحزاب وشاركت.