سأستعير من اسم الزاوية ما سأكتبه عن سخونة تمور الان في الجسم الاعلامي ، اي سأكتب بهدوء عن موضوع ساخن. بداية لا يجوز ان يخضع الفساد الى مفاهيم تضليلية فهذه الافة ليست حكرا على طيف سكاني دون غيره وكذلك ادانتها فهي مرفوضة ومدانة ويستحق من يقترفها العقاب والحساب سواء اكان من هذا الطيف او من غيره ، ولقد نشف ريقنا ونحن نطالب بمحاسبة الفاسدين والمفسدين واظن ان الحكومة وتحديدا رئيسها يستحق الدعم على قراره الاخير حيال ما حدث في العقبة بل ونطالبه بالمزيد في هذا المجال وان يضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه استغلال المنصب لصالح محاسيبه واقربائه دون الالتفات الى موقع الفاسد او مسقط رأسه ، فالفساد هو الفساد بكل القواميس الوطنية. ونحن لسنا بصدد اصدار دفتر عائلة للفساد او الفاسد وعدم محاسبة هذا او محاسبة ذاك وفقا للكود العائلي او مسقط الرأس.

القضية الاخرى التي تقلق وتنذر بالخطر هي قصة المحاصصة في الوظيفة الرسمية وتقسيم الوطن على الجغرافيا وبالتالي الاصطفاف وراء هذا او ذاك فلا احد في الوظيفة العامة يمثل لونا سياسيا او ديموغرافيا فنحن لا نستقطب في الوظيفة على الجغرافيا ولا تشكل الحكومات وفق معيار حزبي وعليه فلا احد يستهدف لانه من هناك او من هنا لان كل الموظفين هم موظفو الدولة وليسوا نتاج مسقط راسهم وفساد هذا المسؤول او صلاحه يكون في سيرته الذاتية وليس في سيرة وطنه او مسقط راسه فلا احد يحق له ان يستعين بمسقط راسه لتبرير هجوم عليه او لتبرير قرار اتخذه لان واجبه ان ينحاز الى الدولة التي منحته الوظيفة او المركز ، "هذا على افتراض ان من يدعي تمثيل هذا الطيف او ذاك هو يمثله فعلا او مقبول ان يمثله لانهم لا يمثلون الا انفسهم".

لكن ما يحدث ان ثمة اصطفافات تنحاز الى هذا او ذاك وتحشد خلال اصطفافها ما تقنع به نفسها اولا لانها لن تستطيع ان تقنعنا نحن ، الذين نعلم ان الرائحة التي تفوح من اصطفافاتهم رائحة كريهة ولا يمكن ان نحملها من ارضها ، وعليهم ان يتريثوا قليلا فلا داعي لهذا الشد على النفس لانها ممكن ان تنفرط من شدة الموقف المتخذ دون لازمة فمن انحاز الى عدم بث جنازة درويش هو اقرب جغرافيا ممن نعاه بابهى ما يكون النعي واجمل ما تنطق به الحروف ، فالقصة اذن ليست جغرافيا بل صراع مصالح فيه من الاقتصاد والمكاسب ما يفيض عن حاجة السياسة وفيه من السياسة ما لا ينتج بيانا واحدا لكاتب من الدرجة العاشرة.

كذلك هناك ممن حمل السلاح وانحاز الى برنامج المقاومة الذي تصادم لفترة مع برنامج الدولة وهو اقرب كسر عشري لها من المقاومة وبرنامجها الجغرافي.

الفساد فساد ولا يجوز التبرير له او السماح به لان مرتكبه من هذا الطيف او من غيره ولا يجوز زج الوطن في هذا الظرف العصيب بحرب للدفاع عن فاسدين ومفسدين ايا كان مسقط راسهم ، وعلينا ان نلتفت الى مقاييس النزاهة والكفاءة ونظافة اليد بصرف النظر عن مسقط الراس.

بقي ان نقول ان افتعال المعارك الان ليس من مصلحة احد وان المشي على مسرب واحد والانصياع له يفقد الكاتب ميزته وذائقته.
الدستور .