"الحق يعلو"
المحامي عبد اللطيف العواملة
08-08-2016 08:59 AM
أصدر قضاؤنا الشامخ حكمه العادل في جريمة الاول من رمضان وحصحص الحق، فرحم الله الشهداء وثبت اهلهم باذنه تعالى. بالحق والعدل هزم وسيهزم الاردن الارهاب، وبدستوره وقوانينه ومؤسساته سيتغلب على اعوان ابليس في ميليشات الشر وامتداداتها في محيطنا.
علا ويعلو الحق في هذا الوطن الطيب من عمق التاريخ فقبل تأسيس الامارة بعام واحد اي عام 1920 انطلقت اول صحيفة اردنية باسم "الحق يعلو". تاسست الصحيفة وطبعت في مقر الملك عبد الله الاول طيب الله ثراه (الامير عبد الله انذاك) في معان بمساهمة كل من محمد الانسي وعبد اللطيف شاكر.
وضم العدد الاول قصيدة للملك المؤسس. استشهد عبد اللطيف شاكر في معارك الثورة في الجزيرة العربية فيما بعد بينما توفي محمد الانسي في عمان عام 1945 بعد ان اصبح رئيساً للديوان الاميري ثم وزيراً للتربية والتعليم. جسدت الصحيفة باسمها ومضمونها مبكرا فلسفة الاردن وعقيدة كيانه، وفي استذكار هكذا محطات وطنية ومراجعتها كل الخير فهي معين لا ينضب من العطاء ودروس في القيم والصبر والعزم في بناء الامم.
عقيدة الاردن منذ بداية تكوينه مؤسسة على قوة الحق لا حق القوة فملوكه حكماء شجعان وعادلين تاريخهم ناصع واياديهم بيضاء. مر الاردن ورجاله على مر التاريخ بمحن ومصاعب جمة هدد بعضها سيادته ووحدة ترابه وشعبه. وها هو اليوم يخوض عباب بحر هائج بالمخاطر، ولكنه بوعي شعبه ويقظة مؤسساته واجهزته اقوى من ذلك بكثير. صحيح ان الاردني قلق على منطقته وجيرانه، لكنه يعلم ان وحدة وطنه وسلامة شعبه واراضيه تحميها سواعد وعقول وقلوب رجاله وهي ليست محط شك.
قد تعصف الكوارث بالمنطقة وتشعل ميليشيات الغلو والتطرف فيها الحرائق، وتزداد ازمات اللاجئين وقد تتراجع التجارة ويتردى الاقتصاد وقد وقد ولكن الاردن كوطن هو من الثوابت لا مقامرة عليه ولا شك في منعته وقوته وصلابته الذاتية. الاردن لاهله كافة حمى ومستقر، ليس ممراَ او جواز سفر.
الضمير الجمعي للشعب الاردني واضح ونقي، فهو مجبول على الحق والعدل. نبراس الاردنيين حب الخير للجميع والرغبة في البناء والعمل. الايجابية ممزوجة في وجدان الاردنيين وايمانهم بوطنهم حقيقة ذاتية ومنطلق كل قول او عمل. هذا الوجدان الواحد هو ما يجمع الاردنيين في السراء والضراء وهو الخميرة الوطنية التي تواصل العطاء، فهو السر الوطني وهو الكنز الاردني الحقيقي. منذ البداية رحب الاردن بالناس من بقاع الارض جميعاً وشملهم في ثقافة وسطية معتدلة ومنفتحة منذ ذلك الحين فلا لون ولا عرق ولا جنس ولا اعتقاد يتقوقع فيه الناس بل افراد متساون في الحقوق لا سلطان عليهم الا القانون وضمائرهم. المواطنة هي الاساس والعمل والابداع هما الميزان. الاردن يعرف من هو وهذا ما يميزه عن محيطه. الاردن متنوع الخلفيات والثقافات، منفتح، وسطي، انساني الانتماء، عروبي المرجعية، مدني الحكم، وعالمي التوجه. الاردن منسجم مع ذاته ولا يعاني من العقد، ليس لديه ما يخفيه او يخاف منه، لا يعتدي ولا يتأمر، يدرك مهالك الافراط وو مأسي التفريط. الاردن يحب الخير والسلام للعالم اجمع. ما دامت هذه هي ثوابتنا فاننا سنبقى بخير وسنورث لابنائنا واحفادنا وطناً طيباً كما تمناه وعمل من اجله الاباء والاجداد.
الاردن كبير بقيادته وبرجاله، بمؤسساته وبجيشه العربي واجهزته الامنية. فبقيمه ومبادئه سيتجاوز الصعاب وستمضي مسيرة التنمية فالاردن كان وسيبقى رقم صعب لا يقبل القسمة وسيهزم الارهاب والتطرف والارهابيين والمتطرفين. فمنذ عام 1920 ومن قبل ومن بعد، فان الحق يعلو ولا يعلى عليه.
*لواء متقاعد